الوسم: مقابلات

  • خبير سوري : مبادرة ” الحزام والطريق” قادرة على إعادة التوازن الاقتصادي العالمي بشكل ملائم

    خبير سوري : مبادرة ” الحزام والطريق” قادرة على إعادة التوازن الاقتصادي العالمي بشكل ملائم

    الدكتور/ بسام أبو عبد الله، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق ومدير مركز دمشق للدراسات

    أشاد الدكتور/ بسام أبو عبد الله، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة دمشق ومدير مركز دمشق للدراسات بمبادرة ” الحزام والطريق ” لما تقدمه من رؤية جديدة من خلال استخدام القوة الناعمة والاقتصاد كأساس لبناء العلاقات مع الكثير من الدول وربط الصين مع آسيا وأفريقيا وأوروبا عبر المشاركة في بناء البنية التحتية والتبادل الاقتصادي والثقافي ، ما يساعد على التخلص من الهيمنة الغربية وتحقيق توازن العولمة الاقتصادية بشكل ملائم.

    قال بسام أبو عبد الله في حوار اجرته معه شبكة الشعب على هامش منتدى ” الحزام والطريق” للتعاون الدولي المنعقد يومي 14 و15 مايو الجاري بالعاصمة الصينية بكين، أن الصين قدمت من خلال مبادرة ” الحزام والطريق” نمط جديد من العولمة يختلف كثيرا مع العولمة الغربية التي تستخدم القوة كأداة للتوصل الى تحقيق المصالح الذاتية الاقتصادية والجيوسياسية مستشهدا بحرب الافيون في الصين التي كان الهدف منها السيطرة على الاقتصاد الصيني. مضيفا، أن قيام المبادرة على مبدأ إحترام الصين لميثاق الامم المتحدة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول أخرى واحترام ثقافات ومعتقدات الشعوب الاخرى، ومبدأ الاقتصادي رابح رابح، وانشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية،ودعم انشاء مناطق تنموية خاصة ومشاريع تنموية في مجالات عديدة مختلفة فتح أفق جديدة أمام دول العالم وتساهم على خلق خيارات تنموية لشعوب الدول في آسيا وافريقيا واروربا خاصة وأن التقديرات الامريكية تتحدث عن أن الصين ستصبح قوة اقتصادية اولى في العالم خلال السنوات القادمة.

    وأكد بسام أبو عبد الله أن العلاقات السورية ـ الصينية قوية ومتجذرة تاكدت خلال الازمة التي مرت بها سوريا السنوات الاخيرة ، حيث استخدمت الصين 6 مرات حق الفيتو لوقف مشاريع الهيمنة الغربية ودفعها الى احترام الدول واحترام حقها في تقرير مستقبلها السياسي.منوها الى أن ادراك الصين لمخاطر الارهاب الدولي في سوريا وخطر تواجد مواطنيين صينيين من الويغور الذين جرى استخدامهم في تنظيم ” الدولة الاسلامية” وغيرها من التنظيمات المتطرفة الاخرى على الامن الصيني خلقت اعتبارات وعوامل حاكمة للعلاقات بين البلدين، منها مكافحة الارهاب الدولي، وحاجة سوريا الى اعادة الاعمار والدعم الاقتصادي.

    حققت الصين وسوريا تزايدا في حجم التجارة الثنائية السنوية من 170 مليون دولار أمريكي إلى 2.48 مليار دولار أمريكي خلال العقد من عام 2000 إلى 2010،كما تقوم عشرات الشركات الصينية باستكشاف النفط والغاز والمقاولات الهندسية وبناء البنية التحتية والخدمات الأخرى فى سوريا،مما قدمت مساهمة جليلة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية فى سوريا وتحسين رفاهية الشعب السوري.ويعتقد بسام أبو عبد الله أن مستقبل التعاون الاقتصادي والتجاري بين سوريا والصين زاهر في ظل توجه سوريا الى تقديم المشاريع الاستراتيجية الى الدول الصديقة التي وقفت معها خلال فترة الازمة. وأشار الى أن سوريا تعتزم اعادة فتح معرض دمشق الدولي بعد توقف لعدة سنوات، ومن المتوقع أن تشارك الصين في المعرض بتقديم شركاتها ومشاريعها. بالاضافة إلى اصدار الحكومة السورية قانون جديدة يسمى ” قانون التشاركية” يسمح للاستثمار شركات الدولة او القطاع الخاص بمفركدها في المشاريع المتاحة والاستثمار في سوريا في اطار هذا القانون. مضيفا، أن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين سوريا والصين لم تتاثر كثيرا بالعقوبات المفروضة على سوريا وواقع الحرب،وحسب المعلومات، تم الانتهاء من دراسة الجدول الاقتصادي الخاص بمشروع محطة توليد الطاقة الكهربائية بقيمة 60 مليون دولار تنفذه الصين، بالاضافة الى مشاريع اخرى خاصة بالطاقة والكهرباء والنقل والمواصلات بداخل وخارج دمشق من المقرر أن يبدأ تنفيذها مباشرة بعد تحقيق الاستقرار الامني.

    تعتبر سوريا محور الطرف الغربي لطريق الحرير القديم،حيث تربط قارات آسيا وأفريقيا وأوروبا.وقال بسام أبو عبد الله أن استراتيجية “التوجه نحو الشرق” التى طرحها الرئيس السوري بشار الأسد تتفق مع مبادرة “الحزام والطريق” التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ بشكل عالي. مضيفا إن مشروع “الحزام والطريق” الذي تشكل سورية جزءاً أساسياً فيه باعتبارها نقطة تلاقي القارات والحضارات، هو فرصة للسوريا لعقد شراكات إستراتيجية مع الصين، وكل القوى الصاعدة في العالم، وتنفيذ إستراتيجية الرئيس بشار الأسد “التوجه شرقاً” بهدف تعزيز مناعة، وقوة سورية، وهي البلد الذي يواجه إرهاباً معولماً بهدف السيطرة عليه، ووقف صعود القوى الجديدة في العالم كالصين وروسيا وإيران. ويعتقد بسام أبو عبد الله ، أن مبادرة ” الحزام والطريق” مشروع عملاق فيه مصلحة للعديد من الشعوب والدول ، إلا أن لغات وثقافات وأديان مختلفة يعتبر التحدي الأكبر الذي يقف أمام الصين، مما يحتاج بالتاكيد الى تفاعل بينها وبين كل هذه المناطق المختلفة، وكذلك إلى بناء جسور شعبية وثقافية إضافة إلى الاقتصادية. ويتطلع بسام أبو عبد الله إلى نقل الصين لتجربتها الادارية والعلمية والتقنية الى الدول الاخرى لا سيما سوريا ، بالاضافة الى زيادة عدد المنح الدراسية التي تعتبر اهم ادوات القوى الناعمة، و بناء جامعة صينية في سوريا باختصاصات دقيقة تخدم البلدين ، ودفع العلاقات بين الصين وسوريا من خلال تكوين طلاب يفهم اللغة والثقافة الصينية ، ومختصين في الشؤون الصينية ومبادرة ” الحزام والطريق”.

  • السفير الصيني في لبنان لـ«الجمهورية»: لا نسعى للهيمنة عبر منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي

    السفير الصيني في لبنان لـ«الجمهورية»: لا نسعى للهيمنة عبر منتدى «الحزام والطريق» للتعاون الدولي

    صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ
    مي الصايغ:

    بعد ثلاث سنوات على طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرةَ «الحزام والطريق» في 2013، وهي عبارة عن مبادرتين للبناء المشترك؛ الأولى «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير»، والثانية «طريق الحرير البحري للقرن الـ 21» (يشار إليهما اختصاراً بمبادرة «الحزام والطريق»)، يناقش «منتدى الحزام والطريق» للتعاون الدولي في 14 و15 الجاري خطة التجارة والبنية التحتية المقترَحة من الصين لتربط آسيا بأوروبا وإفريقيا. وفي وقتٍ تتطلّع الصين إلى توقيع اتفاقات ومذكّرات تفاهم جديدة ووضعِ خطط تنفيذية، في حضور 18 رئيس دولة وحكومة والأمين العام للأمم المتحدة، تنفي على لسان سفيرها في لبنان وانغ كيجيان نيتَها توسيعَ نفوذها الاستراتيجي والسياسي عبر ذراعها الاقتصادية، على حساب الولايات المتحدة.ينفي السفير الصيني في لبنان سعيَ بلاده من خلال مبادرة» الحزام والطريق» إلى توسيع نفوذ الصين الاستراتيجي والسياسي على حساب أميركا، مُشدّداً على أنّ الهدف من المبادرة «إيجاد منصّة دولية لتعاونٍ اقتصادي، وتنشيط التجارة البينية بين الدول، وتدعيم التجارة الحرّة، ودفعُ العولمة الاقتصادية المتعدّدة الأقطاب».

    ويستشهد في مقابلة مع «الجمهورية» بمثلٍ صيني ليقول: «البعض يحاول قياس الآخرين انطلاقاً من عقليته الضيّقة»، مؤكّداً أنّ «الصين لا تسعى إلى الهيمنة ولا إلى مناطق نفوذ».

    ويُذكّر بأنّ هذه هي المرّة الأولى التي تطرح فيها الصين مبادرة إقليمية ودولية في شأن التعاون الاقتصادي، وهي تحتاج إلى تشاور وتنسيق مع جميع البلدان، فخلال السنوات الثلاثة الماضية تمّت مراجعة الخطوط العريضة والآليات لتنفيذها، على أن يجري العمل على تطويرها مستقبلاً، من دون أن يُغفل الأزمات الإقليمية والبؤَر الساخنة، ولا سيّما في منطقة الشرق الأوسط والتي تؤثّر على تقدّم هذه المبادرة.

    ويوضح بأنّ هذه المبادرة تتضمّن عدة محاور، منها «ربط السياسات الاستراتجية التنموية لكلّ بلد وتطوير البنى التحتية وتنشيط التجارة البينية بين هذه الدول، لتربط آسيا بأوروبا وإفريقيا، وتشجيع الاستثمارات والتواصل الإنساني».

    ويقول كيجيان: «وجَدنا أنّ مستويات التنمية في البلدان متفاوتة، وهناك عقبات تواجه الاقتصاد العالمي الذي لم ينتعش بعد الأزمةِ الاقتصادية في عام 2008، منها طرحُ وضعِ عراقيل وحواجز على التجارة العالمية التي تخالف مبدأ العولمة، ويجب أن نتغلّب عليها»، مشيراً إلى أنّه هناك من «يريد الرجوع إلى الانعزالية والتخلّي عن الاقتصاد الحر والتجارة الحرّة».

    ويشدّد على أنّ هذه المبادرة تختلف عن المبادرات التي طرِحت في السابق من قبَل بعض الأطراف التي تهدف إلى السيطرة، كونها تدعو إلى العمل وتضافرِ الجهود من قبَل الأطراف المعنية، وتحقيق الرفاهية والنمو الاقتصادي للجميع، من خلال التشاور والتنسيق بين السياسات لكلّ بلد، والتمتّع بمنجزات نجاحها وتقاسُم الثروات.

    ويقول: «نريد تعاون جميعِ الأطراف وتحقيقَ المنفعة للجميع، وليس السيطرة من طرف على آخر، أو لعبة كسبِ طرف على حساب آخر».
    ويوضح أنّ هذه المبادرة الاقتصادية «ليست مُغلقة وليس هناك شروط للانضمام إليها أو قيود جغرافية أو سياسية، وقد لاقت ترحيباً واسعاً من أكثر من 100 دولة، فلكلّ من يريد الانضمام، أهلاً وسهلاً، ويمكننا الاستفادة من تبادلِ الخبرات والتجارب».

    فعلى سبيل المثال، «الولايات المتحدة واليابان قامتا بمشاريع اقتصادية كثيرة في العالم العربي، يمكن أن نستفيد من هذه الخبرات، بالتعاون معهما لتحقيق المنفعة والكسب للجميع»، يتابع كيجيان.

    ويعيد السفير الصيني التذكيرَ بأنّ بلاده تولي الدوَل العربية التي كانت تقع على خط طريق الحرير القديم، بما فيها لبنان، أهمّية كبيرة. ويقول: «نجد أنّ العالم العربي يقع في قلبِ حزام اقتصادي لطريق حرير جديد، وهناك مجالات واسعة للتعاون مع دول الخليج وإفريقيا، ولا سيّما في مجال الطاقة والبنى التحتية، وقد تمَّ بحثُ ذلك خلال الاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني العربي في العام الماضي».

    البنى التحتية اللبنانية

    أمّا لبنان، فله مكانة خاصة عند الصين، ويشكّل محطة مهمّة على طريق الحرير القديم، وحلقةً مهمة في مبادرة الحزام والطريق، يؤكّد كيجيان.
    ويقول: «إنّ لبنان رحَّب بهذه المبادرة وتَعامل بإيجابية معها، وأبدى رغبتَه المشارَكة بها»، لافتاً إلى أنّ «وزير الثقافة الدكتورغطاس الخوري ورئيس مجلس الإنماء والإعمار نبيل الجسر سيُمثلان لبنان في المنتدى».

    ويؤكّد أنّ الصين، إلى جانب تقديم المساعدات الاقتصادية والإنسانية إلى المجتمعات المضيفة والنازحين السوريين، «مستعدّة للعمل مع الحكومة اللبنانية والتعاون في مجال التطوير الصناعي وتنشيط التجارة البينية، ودعم المخطط التوجيهي للبنى التحتية»، التي تعرّضت إلى الاستنزاف بسبب أزمة النزوح السوري.

    ويقول: «ندرس الآن تقديمَ قروض ميسَّرة لمشاريع البنى التحتية في لبنان».

    وفي ظلّ الحديث عن ترويج الصين لخطة تصدير الوظائف المنخفضة الدخل في قطاعات مِثل صناعة الفولاذ إلى بلدان أخرى وتحويل العمّال الصينيين إلى وظائف مرتفعة الدخل، يوضح كيجيان أنّ «صناعة الفولاذ ليست منخفضة الدخل بل هي صناعة متطوّرة وضخمة»، مشيراً إلى أنّ «الصين بعد أكثر من ثلاثين سنة من الإصلاح والانفتاح حقّقت نموّاً اقتصادياً هائلاً، وبات اقتصادها أهمَّ اقتصادات العالم، لكنّه يواجه مشاكل كبيرة، ولا سيّما في مجال التنمية المستدامة».

    ويقول: «إقتصادنا يعتمد على الاستثمار وتوسيع حجم الإنتاج على المستوى الأفقي، نتيجةً لذلك أصبحت الطاقة الإنتاجية هائلة جداً، المكوّن الصناعي في الاقتصاد الصيني يشكّل أكثرَ من 50 في المئة، بينما قطاع الخدمات أقلّ من المستوى المفترض، ونسعى إلى خفضِ طاقات الإنتاج والارتقاء بمستوى الصناعة الصينية لتصبح أكثرَ تطوّراً وحداثة، وزيادة قطاع الخدمات».

    ويوضح أنّ «الصين لديها طاقة فائضة للإنتاج، في مجال الحديد والفحم على سبيل المثال، وهذه الطاقات الإنتاجية ليست بالضرورة طاقات متخلّفة، لكنّ التركيز يتمّ الآن للارتقاء بمستوى الصناعة والاختراعات وتحديث القطاعات الأكثر تطوّراً في العالم، وهي حقّقت إنجازات في مجالات الصناعات العسكرية والطائرات والسفن والمعلوماتية».

    ويلفت إلى أنّ «اقتصاد الصين يختلف عن بلدان أخرى، فكلّ مقاطعة لديها خطة اقتصادية خاصة بها، وتريد صناعات متكاملة، لكن على نطاق الدولة قد تفوق الطاقة الإنتاجية الطلبَ الداخلي وحتى العالمي».

    أمام هذا الواقع، يجد السفير الصيني أنّ «خفض الإنتاجِ ضروري لرفع الجدوى الاقتصادية».

    ويشير على سبيل المثال، إلى «أنّ البلدان التي تقع غرب الصين يعاني معظمها من تدنّي مستويات الإنتاج الصناعي، ولديها نقصٌ في البنى التحتية، وهناك إمكانية لتحقيق التكامل الاقتصادي بين الصين وهذه الدول، التي تحتاج إلى تحديث صناعاتها وتمويل واستثمارات وبنى تحتية».

    ويقول: «إذا أردنا نموّاً مستداماً، يمكننا التعاون وتحقيق التكامل، وهذا سيشكّل مساهمةً كبيرة للاقتصاد العالمي، فالهدف ليس نقل الصناعات إلى دول أخرى. وفي لبنان تحديداً، إذا كانت هناك حاجة إلى مصنع فولاذ، ولدينا مصنع جاهز يمكن نقلُه إلى هنا، فهذا يفيد الطرفين»، مشيراً إلى أنّ «تكاليف الإنتاج واليد العاملة في الصين ترتفع سنةً بعد سنة، وهذا سيؤدي إلى صناعة ذات عائدات أقلّ، ويمكن لهذه الشركات، بدل المجيء الى الصين، نقلُ المصانع الى بلدان مِثل دول جنوب شرقي آسيا بكِلفة أقلّ».

    مناطق خفض التصعيد

    سوريّاً، لا شكّ في أنّ الحرب المستعرة تُرخي بظلالها على اندفاعة المبادرة الصينية، ويبقى السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة التي دخلت عامها السابع، حلٌّ سياسي تدعمه وتؤمِن به بكين.

    ويشدّد السفير الصيني على أنّ بلاده تؤيّد وتشجّع بقوّة مناطق تخفيف التصعيد في سوريا. ويقول: «إنّ الهدف من مناطق وقفِ التصعيد وقفُ العنف، تمهيداً لعملية سياسية، وهذا ما نسعى إليه منذ البداية، علينا وقفُ العنف ومحاربة الإرهاب وإيصال المساعدات الإنسانية وحلُّ الأزمة عبر المفاوضات، وتهيئة الظروف لانتقال سياسي».

    غير أنّ نشر قواتِِ صينية على الأرض في مناطق تخفيف التصعيد الأربعة «ليس مطروحاً الآن»، على رغم أنّ الصين سبقَ وشاركت في الـ 2012 بقوات تحت راية الأمم المتحدة. و»اليوم، الصين مستعدّة لتكرار التجربة، إذا كان للمنظمة الدولية الدور الرئيسي في حماية هذه المناطق»، يختم كيجيان.

  • السفير الصيني لـ«الجمهورية»: عقبتان أمام استراتيجية الحزام والطريق.. تفشّي الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة

    السفير الصيني لـ«الجمهورية»: عقبتان أمام استراتيجية الحزام والطريق.. تفشّي الإرهاب وعدم الاستقرار في المنطقة

    wang-kejian

     

    صحيفة الجمهورية اللبنانية ـ
    مي الصايغ:

    بكَياسة وديبلوماسية هادئة، يُقارب السفير الصيني في لبنان وانغ كيجيان العلاقات الثنائية بين بكين وبيروت والفراغ الرئاسي في لبنان، حيث تسلّم مهامَّه منذ شهرين، وانخراطَ بلاده أكثر في عواصف منطقة الشرق الأوسط، وعدم بقائها على الهامش، ورغبتها في إعادة إعمار سوريا وتحقيق الاستقرار بهدف تعبيد السُبل لبناء حزام اقتصادي لطريق الحرير، وليس سعياً إلى الهيمنة وحجز موقع لها على خريطة نفوذ القوى الجديدة.يُحاول السفير الصيني الجديد منذ وصوله إلى لبنان أن يفهم حقيقة ما يجري في بلد الأرز، حيث «يتفاءل» البعض بأنّ الاستحقاق الرئاسي بات بحكم المنجَز، فيما يتخوّف قسم آخر من أنّ «الطريق إلى حلّ الفراغ الرئاسي لا يزال طويلاً».

    ويقول كيجيان في مقابلة خاصة مع «الجمهورية» في مقرّ السفارة في بيروت: «الإنتخابات الرئاسية شأن داخلي، نحن نحترم أيّ خيار يتّفق عليه اللبنانيون، وندعم الحوار والتشاور بين الأطراف السياسية للخروج بنتيجة في أسرع وقت. فليس لدينا مرشّح نُفضلّه على الآخر. قبل يومين زرت النائب ميشال عون، وهو صديق للصين، ونحن لدينا علاقات طيبة مع كل القيادات اللبنانية».

    ويدعو السفير الصيني الأطراف الخارجية الى احترام سيادة واستقلال لبنان، الذي يحتفل في 9 تشرين الثاني المقبل بالذكرى الـ 45 لإقامة العلاقات الديبلوماسية مع الصين، مُبدياً استعداد بلاده للعب دور مساعد في أيّ تسوية.

    التعاون الثنائي

    ذكرى، ينطلق منها كيجيان، ليُدلّلَ على عمق العلاقات الثنائية بين بيروت وبكين، في المجالات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية كافة. ففي عام 2015، توصّلت قيادتا البلدين الى رؤية مشتركة واسعة في شأن تعزيز التعاون بين البلدين، على أن يزور لبنان وفد الصداقة الصيني في تشرين الثاني المقبل.

    عسكرياً، تلتزم الصين بدعم الجيش اللبناني. فخلال الفترة ما بين عامي 2013 و2015 قدّمت الصين للجيش معدّات لوجستية وميدانية قيمتها 45 مليون يوان صيني، وهي ستقدّم مساعدات عينية ومعدّات له بنحو 30 مليون يوان صيني في العام الجاري، فضلاً عن مشاركتها في عمليات حفظِ السلام لـ»اليونيفيل»، حيث يؤدّي 410 ضبّاط وجنود صينيين مهامّهم ضمن هذه القوّة منذ عام 2006.

    ثقافياً، عرَضت فرقة كركلّا اللبنانية مسرحية «ألف ليلة وليلة» في بكين أثناء عيد الربيع الصيني للعام الجاري، فيما عرضت مسرحية «طريق الحرير» لمجموعة من الفنانين من مختلف الدول بما فيها الصين خلال مهرجان بعلبك الدولي تموز الماضي.

    وقد أُضيفت مادة اللغة الصينية إلى مواد الجامعة الاميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الأميركية والجامعة الأميركية للتكنولوجيا، وفتحت الجامعة اللبنانية اختصاص اللغة الصينية رسمياً.

    وفي الشقّ الإنساني، لم تغفل الصين مساعدة النازحين السوريين بشكل مباشر، إذ قدّمت للبنان 45 مليون يوان صيني من المساعدات العينية من دون مقابل، ومنحة قدرُها مليونا دولار.

    استراتيجية «الحزام والطريق»

    وبحكمِ المزايا الخاصة التي يتمتّع لبنان بها في قطاعات التجارة والمصارف والإعلام بالإضافة الى دور الجاليات اللبنانية في الخارج، وموقعه في منطقة التلاقي لـ»الحزام والطريق»، سيشكّل جزءاً أساسياً من الاستراتيجية التي طرَحها الرئيس الصيني شي جين بينغ عام 2013، وهي عبارة عن مبادرتين للبناء المشترك، الأولى «الحزام الاقتصادي لطريق الحرير»، والثانية «طريق الحرير البحري للقرن الـ 21» (يشار إليهما اختصاراً بمبادرة «الحزام والطريق»)، واللتين تشملان مشروعات تنموية جنباً إلى جنب مع التجارة، وسيبقى لبنان كما كان شريكاً للتعاون على طريق الحرير وسيلعب دوراً مهمّاً في بناء «الحزام والطريق».

    ولكن يبقى هناك عقبتان أمام استراتيجية «الحزام والطريق»، وهما تفشّي الإرهاب في الشرق الأوسط وعدم الاستقرار في المنطقة، ما سيؤثّر سلباً على مشاريع الحزام الاقتصادي، وفق ما يؤكّد السفير الصيني.

    ويقول: «الإرهاب آفة دولية وورَم خبيث، والصين متضرّرة من الإرهاب، ونخشى عودة المقاتلين الصينيين الأويغور في سوريا الذين يقاتلون مع «جبهة النصرة»، وتنظيم «داعش». فعودتهم ستُهدّد إقامة حزام اقتصادي لطرق الحرير من الصين الى أوروبا عبر آسيا الوسطى والشرق الأوسط، لهذا السبب ندعم روسيا في عملياتها ضد الإرهابيين».

    ويَعتبر السفير الصيني أنّه من الخطأ التعامل بازدواجية مع التنظيمات الإرهابية. ويقول: «لا يمكن قتال «داعش»، واعتبارُها أمراً سيئاً في الموصل وغضّ الطرف عنها في الرقة، وروسيا تكافح الإرهاب في سوريا».

    ويَرفض السفير الصيني الذي يُتقن اللغة العربية بعدما حصَل على منحةٍ لدراستها في الأردن بين عامي 1985 و1989، أن يكون انخراط بلاده في الشرق الأوسط بشكل أكبر سعياً إلى الهيمنة وحجز مناطق نفوذ لها على خريطة المنطقة الجديدة.

    ويذكّر كيجيان بأنّ الصين لم تكن في الماضي على الحياد في الشرق الأوسط. ويقول: «كنّا ندافع عن الحق والمبادئ، وفي طليعتها الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ودعم إنشاء دولة مستقلة لهم، وكنّا نشارك في دفع عملية السلام بين إسرائيل والدول العربية، وبحكم كونِنا دولةً عضواً في مجلس الأمن، نلعب دوراً فاعلاً في الامم المتحدة وفي الاتصالات الثنائية والإقليمية».

    أمّا نشاط الصين السياسي المتصاعد وتعيينُها مبعوثاً خاصّاً لها إلى الشرق الاوسط، ومبعوثاً للملف السوري وآخر للملف الإفريقي، فيعبّر عن اهتمام الصين بشكل أكبر في الشؤون الشرق أوسطية.

    ويقول كيجيان: «كانت القضية الفلسطينية جوهرَ مشكلة الشرق الأوسط، وفي الوقت الراهن ظهرَت ملفات وبؤر كثيرة تؤثّر على استقرار الشرق الأوسط وأمنِه، وانطلاقاً من كون الصين عضواً في مجلس الأمن، وعليها مسؤولية حفظ السلام والاستقرار في العالم، عيّنَت مبعوثين لهذه الملفات، ونحاول من خلال هذه الآليات أن نقوم بدور أكثر فعالية، والمساهمة في دعم الحوار بين الاطراف المعنية وإيجاد الحلول السياسية».

    «نتصرّف بمسؤولية في مجلس الأمن»

    وفي الملف السوري على وجه التحديد، مارسَت الصين «مسؤوليتها لجهة صيانة مبادئ وقواعد ميثاق الأمم المتحدة، وأبرزُها عدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول»، حسبما يؤكّد كيجيان. ويقول: «لردع محاولات التدخّل، استخدَمت الصين الفيتو أربع مرّات في مجلس الامن، وهذه سابقة في تاريخ نشاطها في الأمم المتحدة.

    كان الفيتو تأييداً لدولة روسيا الصديقة للحدّ من محاولات التدخّل لأطراف أخرى. نحاول دعمَ الحوار السوري – السوري، ودعمَ المفاوضات السياسية بين الاطراف المعنية من الحكومة والمعارضة للوصول الى حلّ سياسي».

    أمّا أسباب عدم استخدام الصين «الفيتو» للمرّة الخامسة في جلسة مجلس الامن بشأن حلب فله مسوّغات. ويذكّر السفير الصيني أنّه كان أمام مجلس الامن مشروعا قرار؛ فرنسي وآخَر روسي. ويقول: «خلال التصويت على مشروع القرار الفرنسي لم نستخدم حقّ النقض الفيتو، لأننا متّفقون مع نقاط في مضمون القرار لجهة وقفِ العنف في حلب وضرورة إيصال المساعدات الانسانية.

    لا يمكن رفض مشروع القرار الفرنسي، لكنّ عيبَه الوحيد أنّه كان ينقصه أن يتضمّن مبدأ احترام سيادة ووحدة أراضي سوريا. لهذا السبب امتنعنا عن التصويت».

    في المقابل، تضمّنَ مشروع القرار الروسي «جوانب وقفِ العنف والمفاوضات السياسية وإيصال المساعدات الإنسانية ومكافحة الإرهاب، لذا صوَّتنا لمصلحته لأنّ الصين متفقة مع روسيا في هذه الجوانب»، يوضح السفير الصيني.

    ويؤكّد كيجيان أنّ الهدف من تواصلِ الصين مع الحكومة السورية والمعارضة السياسية بصرفِ النظر إذا كانت من الداخل أو الخارج، هو التفاوض وإيجاد حلول، سواء وفقَ اتّفاق جنيف أو فيينا، وأن يكون هناك عملية سياسية بقيادة سوريّة، وأن لا يكون هناك حلول جاهزة مفروضة على السوريين من الخارج.

    ويقول: «نحن في اتصالات دائمة مع المعارضة السياسية السورية، ولكن ليس لدينا علاقة مع المعارضين المسلحين. متمسّكون بسيادة الدولة السورية ووحدة أراضيها، والفيتو الصيني هو من أجل منعِ أيّ تدخّلات أو تقسيم سوريا».

    ويَنفي وجود معلومات لبلاده عن مصير عبد العزيز الخيّر ورجاء الناصر، القياديَين في هيئة التنسيق السورية المعارضة، اللذين اختفَيا بعد عودتهما من الصين. ويقول: «لقد اختفَيا في المطار، وقد تواصَلنا مع الحكومة السورية التي نفَت وجود أيّ معلومة لديها بخصوصهما».

    أمّا الحديث عن إمكان نشر الصين في قوات حفظ سلام تحت راية الأمم المتحدة في سوريا مستقبلاً، فلم يُطرح حتى الآن، حسبما يؤكّد كيجيان، مشيراً إلى ضرورة توافر 3 شروط مسبَقة، وهي موافقة الدولة السورية وعدم استخدام القوة العسكرية إلّا في حالة الدفاع عن النفس ومبدأ الحيادية، في حال دعا قرار لمجلس الأمن إلى أمر مماثل. ويذكّر بأنّه عام 2012 كان هناك اتّفاق على إيفاد مراقبين دوليين لوقف القتال في سوريا، وقد شاركت الصين في ذلك.

    إعادة إعمار سوريا

    ولا ينكر كيجيان طموحَ بلاده في إعادة إعمار سوريا، التي تعرّضَت إلى «تدمير مؤلم». ويقول: «نأمل في حلّ سياسي في أقرب وقت لتنطلق بعدها عملية إعادة الإعمار حتى يستعيد الشعب السوري حياته الطبيعية وبلده الجميل. سوريا تحتاج الى مساعدة المجتمع الدولي، ونحن مستعدّون للمساعدة في إعادة إعمار سوريا».

    ويَختم السفير الصيني قائلاً: «لا نطمح إلى ملء الفراغ، نَعتبر الشرق الأوسط منطقةً مهمّة من الناحية الجيوسياسية، وفي مجال الطاقة وفي المعادلة الصينية لبناء حزام اقتصادي لطريق الحرير، وعلاقاتنا جيّدة مع سائر دول الشرق الأوسط، وما نسعى إليه أن تنعم هذه المنطقة بالاستقرار والأمن. وهذا في مصلحتنا».