الوسم: مقالات

  • سوريا مجددًا على طريق الحرير: فوائد بالجملة

    سوريا مجددًا على طريق الحرير: فوائد بالجملة

    موقع العهد الإخباري-

    علي حسن:

    التوجه السوري نحو الشرق بدا أنه خيار استراتيجي لمواجهة العقوبات الغربية والشروع في مرحلة إعادة الإعمار. ولعل توقيع سوريا اتفاقية مع الجانب الصيني تخولها الإنضمام إلى مبادرة “الحزام والطريق” أو ما كان يعرف بـ “طريق الحرير”، يؤكد هذا التوجه الذي سيعود على السوريين بفوائد جمة.

    الإنضمام رسميًا

    أكدت معاونة رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي لشؤون التعاون الدولي الدكتورة ثريا حسين ادلبي في حديثها الخاص بموقع “العهد” الإخباري أنه بتاريخ ١٢ / ١/ ٢٠٢٢ تم توقيع مذكرة التفاهم بين حكومتي الجمهورية العربية السورية وجمهورية الصين الشعبية في إطار التعاون في مبادرة طريق الحرير والطريق البحري للقرن الحادي والعشرين.

    وشددت الإدلبي على أن أهمية توقيع هذه الإتفاقية تأتي من كونها تعتبر بمثابة “إعلان رسمي” لانضمام سوريا لهذه المبادرة التي تعتبر من أهم مبادرات التعاون الدولي المتاحة لسوريا عالميًا في إطار دعم الاقتصاد الوطني من خلال تأمين التمويل اللازم لمشاريع إعادة الإعمار إضافة “لتحقيق نقلة نوعية في المجال التقني وتطوير البنى التحتية”.

    لوضعها موضع التنفيذ

    معاونة رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي لشؤون التعاون الدولي أشارت في حديثها الخاص بموقع “العهد” الاخباري إلى أن “جمهورية الصين الشعبية تتمتع بمزايا اقتصادية كبيرة بحيث تعتبر الصين بمثابة “شريك اقتصادي” مميز لسوريا خلال مرحلة إعادة الإعمار وتعتبر وهذه المبادرة ليست مهمة فقط لتعزيز علاقات التعاون الثنائي ما بين سوريا وكافة الدول الموجودة على طول طريق الحرير وانما أيضًا ستكون هناك مبادرات على مستوى “متعدد الأطراف” الأمر الذي يجعل من وجود سوريا في هذه المبادرة مناسبة لفتح “آفاق كبيرة” لها خلال المرحلة القادمة لتنفيذ مشاريع كبيرة في إطار البنى التحتية وأيضا الاستفادة منها في تعزيز مستوى التقنيات الحديثة ونقلها إلى سوريا فضلاً عن “خلق مشاريع” بالتعاون مع الدول المحيطة.

    ولفتت الإدلبي إلى أنه وبعد أن تم توقيع هذه الاتفاقية ستقوم الحكومة السورية بالتنسيق مع الجانب الصيني لوضع هذه المذكرة موضع التنفيذ والاتفاق على الاعتماد على الأدوات اللازمه للإستفادة من مجالات التعاون والاعتماد على عدد من المشاريع التي يمكن تنفيذها في إطار هذه المبادرة.

  • الحزام والطريق عبر سورية.. والإتجاه شرقاً

    الحزام والطريق عبر سورية.. والإتجاه شرقاً

    صحيفة الوطن السورية-

    الدكتور قحطان السيوفي:

    وقعت سورية والصين مؤخراً مذكرة تفاهم في إطار مبادرة الحزام والطريق، والتساؤل الذي يجول في خاطر الكثير منا هو، ما هي المبادرة الصينية، وما أهمية هذه المذكرة بالنسبة لنا؟

    تنفذ الصين مبادرة «حزام واحد، طريق واحد»، وتعتبر أكبر مشاريع البنية التّحتيّة والاستثمار في تّاريخ البشرية.
    يهدف المشروع لتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول التي يمر بها، وأطلقت الصين مبادرة «حزام واحد، طريق واحد» أو ما يُعرف بمبادرة الحزام والطريق إحياءً لطريق الحرير في القرن التاسع عشر من أجل ربط الصين بالعالم، وتغطي المبادرة اليوم نحو 65 بالمئة من سكان العالم، وما يقرب 40 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
    الاقتصاد الصيني المُخطط بدأ بالتوسع في عام 1978 واستمر ينمو بمعدلات كبيرة قاربت 10 بالمئة لغاية عام 2014،
    وأطلقت الصين المبادرة عام 2013 بهدف دعم قدرتها على التصدير وتعدد مصادر الاستيراد.
    وهو إحياء لطريق الحرير القديم الذي كان يربطها بأوروبا وسمته «الحزام» والطريق البحري القديم وسمته «الطريق»، تقول الصين إنها تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي بين الدول التي يمر بها.
    أنفقت الصين أكثر من 900 مليار دولار على هذه المبادرة التي تتضمن المحاور التالية:
    المحور التجاري: الصين ترغب في توسيع أسواق التصدير، والمبادرة ستخلق تعاوناً تجارياً ثنائياً أو أكثر يتحول تدريجياً إلى تحالفات.
    المحور النقدي: تسعى الصين لزيادة نسبة التبادل التجاري بالعملة الصينية «اليوان» ومن فوائده تعزيز اليوان عالمياً وتقليل تكلفة التبادل التجاري وتقليل وقت التسوية، قياساً على التعامل بالدولار أو اليورو، والحد من مخاطر تقلبات أسعار الصرف.
    العديد من الدول مثل روسيا وإيران وباكستان وفيتنام والهند وماليزيا تستخدم حالياً اليوان في التسويات التجارية.
    المحور الجيوسياسي: نعتقد أن المسار البحري وحتى البري بكل تفاصيلهما قد تم تصميمهما ليس فقط لأهداف تجارية بحته وإنما أيضاً لأهداف أخرى جيوسياسية قد تولد مستقبلاً تحالفات من نوع آخر، فقد وقعت أكثر من 100 دولة ومنظمة دولية وثائق تعاون مع الصين في إطار مبادرة الحزام والطريق ونُفذ 28 مشروعاً في عدة دول مختلفة باستثمارات تبلغ 5.4 مليارات دولار، كما بنيت شبكة كبيرة من خطوط السكك الحديدية في إطار المبادرة التي وصلت إلى 4 آلاف خط يربط بين الصين ودول آسيوية وأوروبية، وتخطت الاستثمارات الأجنبية بين الصين ودول المبادرة 70 مليار دولار.
    وتتضمن المبادرة تشييد شبكات من السكك الحديدية، وأنابيب نفط وغاز، وخطوط كهرباء، وإنترنت، وبنى تحتية بحرية، ما يعزز اتصال الصين بالقارة الأوروبية والإفريقية.
    ستمر المشاريع التي تندرج تحت المبادرة بالمراحل التالية:
    1. الجسر القاري الأوراسي الجّديد.
    2. ممر الصّين – شبه الجزيرة الهندية.
    3. ممر الصّين – آسيا الوسطى – غرب آسيا.
    4. ممر الصّين – باكستان.
    5. ممر الصّين – بنغلاديش – الهند – ميانمار.
    تعهدت الصّين بتخصيص 126 مليار دولار للمبادرة على أن تقوم كل دولة مشاركة بتمويل مشاريع البنية التّحتيّة التي تمر بها بنفسها، وتقوم بنوك أنشئت لهذا الغرض بتقديم قروض للتمويل، وأهمها: البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وصندوق طريق الحرير.
    بالنسبة للشّرق الأوسط تشير خطط المبادرة إلى تبنيها ستة خطوط، يمر نصفها أو ينتهي على ضفاف المتوسط.
    السّياسة الخارجيّة الصّينيّة في الشّرق الأوسط تركز على تهدئة المنطقة التي توصف عادة بعدم الاستقرار، بسبب الحروب والإرهاب. على الصعيد الأوروبي انقسمت دول أوروبا بين متفائل وقلق، فبدا الحماس في أوروبا الشّرقيّة والوسطى للاستثمارات الصّينيّة واضحاً، أما دول أوروبا الغربيّة وخاصة الشّمالية فلا تخفي قلقها، وتلتزم عدّة دول أوروبيّة الحذر كألمانيا وفرنسا.
    تعد هذه المبادرة منافسة لاتفاقية الشراكة التجارية بين الدول المطلة على الأطلنطي التي تقودها الولايات المتحدة، والتي
    تهاجم المبادرة الصينية، وتتهمها بإيقاع الدول النامية في ديون بعرض تمويل رخيص لا يمكنها تحمّله، وقد أكد الرئيس الصيني أن المبادرة ستواصل رفض «الحمائية»، في انتقاد لواشنطن التي تبنّت سياسات حمائية في عهد الرئيس دونالد ترامب.
    أكد الرئيس الصيني أن مبادئ السوق ستطبق في جميع مشاريع التعاون التي تتضمنها المبادرة على حين تلعب الدول دوراً داعماً.
    لقد وقعت سورية والصين مذكرة تفاهم في إطار مبادرة “الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن الحادي والعشرين”، بدمشق، وسورية نهاية طريق الحرير في آسيا وبداية انطلاقته باتجاه أوروبا وإفريقيا، وبموجب المذكرة تكون سورية قد انضمت إلى مبادرة الحزام والطريق، ما يساعد على فتح آفاقٍ واسعة من التعاون مع جمهورية الصين الشعبية، وذلك في عدة مجالات تتضمن تبادل السلع والتكنولوجيا، ورؤوس الأموال، وتنشيط حركة الأفراد، إضافة إلى التبادل الثقافي.
    عملياً المذكرة تأتي كمرحلةٍ من مراحل الدعم المتواصل الذي قدمته وتقدمه حكومة الصين الصديقة لسورية، وهي مكملة للمساعدات الإنسانية والإغاثية التي قدمتها الصين والتي ساهمت في تخفيف معاناة الشعب السوري جراء الحرب الكونية الإرهابية على سورية.
    تضمنت المذكرة مقترحات لربط مجموعة من الطرق البحرية والبرية لتسهيل التبادل التجاري مع الدول المجاورة وإنشاء مناطق تجارية إلى جانب إنشاء محطات توليد كهرباء، وهذا يسهم بمشاركة الشركات الصينية بمرحلة إعادة الإعمار إلى جانب التغلب على العقوبات الغربية الأحادية الجانب الظالمة المفروضة على سورية.
    أخيراً نؤكد أهمية وضرورة الاتجاه شرقاً في ظل الحصار والعقوبات الاقتصادية الظالمة وقد جاءت مذكرة التفاهم مع الصين لتترجم هذا التوجه الوطني الواقعي القائم على المصالح الاقتصادية والجيوسياسية مع دولة عظمى صديقة للسير معاً على طريق الحرير عبر سورية.

  • مبادرة الحزام والطريق الفرص والتحديات (المنطقة المغاربية)

    مبادرة الحزام والطريق الفرص والتحديات (المنطقة المغاربية)

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    فاطمة لمحرحر:
    ارتبط حكم الرئيس الصيني “شي جين بينغ”، ومعه الجيل الخامس لقادة الصين الشعبية، بوضع توجه انفتاحي إرادي في علاقات الصين الدولية، وتأكيد طموح الصين لتصبح فاعلا قويا داخل حلبة العولمة.
    وفي هذا الإطار، طرح الرئيس الصيني مبادرة الحزام والطريق سنة 2013، التي تمد النفوذ الصيني إلى مناطق واسعة من العالم في أوروبا وإفريقيا وآسيا، من خلال شبكة الطرق والموانئ والمطارات ومشاريع البنية التحتية، ويبدو أن هذه المبادرة سوف تحدد ملامح جديدة لتوازنات القوى في النظام الدولي، وهي مبادرة يمكن اعتبارها مشروع القرن الاقتصادي في العالم.
    وهكذا، بدأت الصين تعرض حلمها الكبير على العالم، المرتبط بمشروع طريق الحرير الجديد؛ يذكر الصينيون من خلال هذا المشروع بطريق الحرير الذي كان يربط بلدهم مع أوروبا بين القرن السابع والقرن الثالث عشر في عز ازدهار الحضارة الصينية.
    وتماشيا مع ذلك، تستعيد مبادرة الحزام والطريق الصينية الذكريات التاريخية لطريق الحرير، والذي كان حلقة وصل في التواصل والتجارة والتفاعل بين الحضارات. أما الصيغة المعاصرة من هذا الطريق، فالهدف منها هو تعزيز السياسات الاقتصادية والخارجية للصين، وترجع جذور هذه المبادرة إلى النجاح الاقتصادي الذي تتمتع به الصين من جراء الاعتماد على تطوير منشآت البنية التحتية.
    وتسعى المبادرة إلى محاكاة الاستراتيجية الاقتصادية خارج حدود الصين، وتهدف إلى تحقيق ذلك من خلال محاولة إنشاء مسارات تجارية برية وبحرية تربط بين الصين وأوروبا عبر المرور في آسيا وإفريقيا إلى المساعدة في رفع معدلات نموها، ولا سيما في وسط وغرب الصين، وكذلك رفع معدلات النمو في البلدان الأخرى.
    وتجدر الإشارة هنا إلى أن استراتيجية الحزام والطريق تنطوي على أهمية اقتصادية كبيرة بالنسبة للدول المشاركة بها، إذ إنها تعزز مكانة كل دولة من هذه الدول، كشريك تجاري للصين صاحبة الاقتصاد الأوفر حظا للنمو على مستوى العالم في الوقت الحالي، ولذلك تمثل المشاركة في المبادرة فرصة كبيرة لهذه الدول للحصول على حصة من أسواق الواردات الصينية من مدخلات الإنتاج من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن المشاركة تمكن تلك الدول من الحصول على المنتجات النهائية الصينية لتلبية احتياجات أسواقها المحلية.
    وتمثل المبادرة فرصة جديدة لدمج اقتصاد كل دولة مشاركة في الموجة الجديدة من العولمة، التي تلعب الصين فيها دورا محوريا، خاصة أن المشاركة في المبادرة تربط اقتصادات هذه الدول بالصين، وببعضها البعض، ما يساعد على الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بكل منها، ويمكنها من تبادل الخبرات وتنفيذ المشروعات والمبادرات المشتركة.
    وفي هذا السياق، تخضع المتابعة التاريخية لعلاقات الصين بالمنطقة المغاربية إلى مقاربتها في التعامل مع العالم العربي من جهة، ومع القارة الإفريقية من جهة ثانية؛ وهذا شيء طبيعي ما دامت هذه المنطقة تمثل الجزء الغربي للفضاء العربي والجزء الأكبر لشمال إفريقيا.
    وكما هو الحال بالنسبة إلى إفريقيا، فإن الاعتبارات السياسية هي التي تحكمت في البداية في العلاقات الصينية المغاربية، فالصين الشعبية دعمت منذ سنة 1949 بوضوح كفاح البلدان المغاربية من أجل الاستقلال، على الرغم من أنها لم تحتل موقعها الطبيعي داخل الأمم المتحدة حتى السبعينيات.
    ومن منظور أخر، فإذا كانت السياسة الخارجية لدول المغرب العربي تتميز بكونها تتحرك في إطار جغرافي محدود يتمثل في علاقاتها مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية، فهذا لم يعد كافيا لتحقيق المصالح الحيوية لتلك الدول، بل يتعين عليها اليوم تكييف سياساتها وسلم أولوياتها بشكل مستمر ليتوافق مع التحولات التي فرضتها المتغيرات السياسية والاقتصادية في العالم، وليتماشى مع توسع جغرافية المصالح.
    وإذا نظرنا إلى التحليلات والدراسات الاستراتيجية المرتبطة بالمكانة التي تحتلها المنطقة المغاربية في ساحة التنافس والصراع الجيوسياسي للقوى الدولية، يمكن للباحث الاستعانة بنماذج جديدة للعلوم الاجتماعية بهدف التفسير، كالجغرافيا الاقتصادية والجغرافيا السياسية وتحديد المواقع.
    وفي هذا الإطار، يتعين النظر إلى دور المنطقة المغاربية في الفضاء العالمي، أي في الاقتصاد والدبلوماسية والتوازنات الجيوسياسية في العالم، فهي تشكل سوقا استهلاكية واعدة.
    وبالنظر إلى متغيرات دراسة قوة الدول في النظام السياسي للعلاقات الدولية للقرن الحالي الذي تزداد فيه العلاقات المتبادلة، سيجري قياس قوة أي دولة بناء على ثقلها النوعي في ساحة التأثير الدولية، فقيمة الدولة الحقيقية ليس في قوتها داخل محيطها وحسب، بل أيضا في التأثير الاقتصادي والسياسي، إضافة للتأثير الدبلوماسي والثقافي.
    وعند النظر إلى التحولات الجديدة في الاقتصاد السياسي الدولي، وتوزيع الموارد الجيو- اقتصادية في المناطق الجغرافية، نجد أحد المفكرين الاستراتيجيين يقول “إن القرن الواحد والعشرين مرشح لأن يكون قرنا آسيويا في بدايته، وإفريقيا في نهايته”.
    ويكاد يجمع عدد كبير من الباحثين وحتى صناع القرار الصينيين، على أن الصين تملك ثقافة استراتيجية تختلف تماما عن تلك الثقافة الاستراتيجية الغربية، فهي تملك رؤية مختلفة في السياسة الخارجية على عكس ما هو رائج لدى العديد من الباحثين الغربيين، من أن السياسة الصينية لا تختلف عن غيرها من سياسات القوى الكبرى.
    وفي هذا السياق، تروج الصين لمبادرة الحزام والطريق باعتبارها مشروعا يتيح القدرة على حل العديد من المشكلات التنموية ليس في الصين وحسب وإنما في جميع الدول المشاركة فيها، وتقوم المبادرة على مبادئ السلام والتعاون والانفتاح والشفافية وتمثيل الجميع، والمساواة والمنفعة المشتركة والاحترام المتبادل وتكافؤ الفرص.
    وتعتبر مبادرة الحزام والطريق، إحدى الاستراتيجيات التي تعتمدها الصين في سياستها الخارجية لزيادة نفوذها على المستوى الإقليمي والدولي، فرغم أنها مبادرة اقتصادية إلا أن أبعادها السياسية والأمنية والثقافية تبرز مع التقدم في المشاريع المبرمجة وتفاعل الدول معها.
    غير أن الصين لم تضع خطة شمولية معينة في مقاربتها للمنطقة المغاربية، بخاصة أن مكونات المنطقة غير متضامنة مع بعضها، وأن المنطق المغاربي غائب في تعاملها مع الغير.
    وهكذا، تعاملت الصين مع كل بلد مغاربي انطلاقا من الاعتبار الاقتصادي والخصوصية الاقتصادية لكل بلد، وبالتالي ارتقى بشكل لافت مستوى معاملاتها مع أقطار المنطقة التي تمتلك موارد نفطية وغازية قابلة للتصدير، فهي تمثل بالنسبة إلى الصين مصدرا لمنتوجات الطاقة والمعادن.
    وفي هذا الإطار، وجهت الصين العناية إلى البلدان المغاربية ذات الفوائض المالية لتدخل مقاولاتها في مشاريع التجهيز والطرق والموانئ والبناء، وإلى حد ما المغرب وموريتانيا، وهي تعتبر في آخر الأمر أن الأسواق المغاربية مع اختلاف إمكانياتها تعد منفذا لسلعها الصناعية.
    وتماشيا مع ذلك، تمكنت الصين من كسب ثقة الدول المغاربية، بهدف تحقيق مصالحها في المنطقة، والمتمثلة في تأمين مصادر الطاقة، والتي يعتبر المغرب العربي واحدا منها، بالإضافة إلى خلق مجال نفوذ للصين كي تظهر بمظهر القوة العظمى، ولقد استطاعت الصين أن تحقق نجاحا كبيرة في هاته المنطقة في شتى المجالات السياسية والاقتصادية وحتى في المجال الأمني والثقافي، فاقت بكثير النجاحات التي حققتها كل الولايات المتحدة الامريكية واليابان، وذلك راجع إلى السياسة التي اتبعتها الصين خلال المرحلة الجديدة، والتي تعتمد على مفهوم التنمية السلمية، والصعود السلمي الذي يركز على التعاون والصداقة والنفع المتبادل، وهذا ما جعلها تفوز بقبول كبير لدى الدول المغاربية.
    وبالتالي، فإن الحكومة الصينية تعتبر استراتيجية الحزام والطريق قلب السياسة الخارجية الصينية، لذا فإن البعد الجيواستراتيجي لهذه الاستراتيجية يكمن بالأساس في رغبة الصين بتعزيز الثقة السياسية اقليميا مع دول الجوار الشرقي والجنوبي، فضلا عن المشاكل المتأتية من الجوار الغربي، والأهم من الناحية الجيواستراتيجية هو مسعى الصين في تغيير نمطية النظام الدولي الحالي والانتقال به من نظام تهيمن عليه الولايات المتحدة الأمريكية إلى نظام عالمي متعدد الأقطاب.
    وأخيرا، يمكن القول أن السياسة الخارجية الصينية في الدول المغاربية حققت تقدما كبيرا في العقد الأخير على المستوى الجيو-اقتصادي، والذي تمثل في جعل هذه المنطقة خزانا للمواد الأولية الضرورية للصين؛ لمواصلة بناء اقتصادها الصاعد، حيث أن بكين في طريقها إلى إضعاف الحضور الاقتصادي للقوى الاستعمارية السابقة مثل فرنسا، كما أنها أصبحت المنافس الأساسي للوجود الأمريكي بالمنطقة.
    هذا، وتعتبر المنطقة المغاربية محورا رئيسيا في مبادرة طريق الحرير الذي سيمكن الصين من فتح خط لدعم صناعاتها من خلال الموارد والثروات الخام الأتية من دول المنطقة (ليبيا، الجزائر) بأقل تكلفة سواء من حيث نقل هذه المواد أو أسعارها؛ كما أن مبادرة طريق الحرير ستمكن الصين من زيادة وارداتها وتوسيع أسواقها في شمال إفريقيا.
    وفي السياق، قامت الصين في العقد الأخير بتوطيد علاقاتها مع الدول المغاربية وقدمت الحوافز والمساعدات لتكون شريكا استراتيجيا لهذه الدول، كما أن الدول المغاربية لا تمتلك بدائل كثيرة فهي مجبرة على قبول المساعدات والمنح والترحيب بالشريك الصيني مساهمته في التنمية الاقتصادية؛ ومن المنتظر أن تغير مبادرة طريق الحرير خريطة إفريقيا، ليس فقط من ناحية خطوط التجارة وإنما أيضا من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

    *باحثة في الدراسات السياسية والعلاقات الدولية من المغرب

    لائحة المراجع:
    – فتح الله ولعلو، نحن والصين الجواب على التجاوز الثاني، المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2017.
    – إسلام عيادي، مبادرة الحزام والطريق الصينية: مشروع القرن الاقتصادي في العالم، اصدارات المركز الديمقراطي العربي، الطبعة الأولى، برلين، 2019.
    – جين ليانجشيانج/ إن جاناردان، مبادرة الحزام والطريق: الفرص والمعوقات أمام منطقة الخليج، أكاديمية الإمارات الدبلوماسية، يونيو 2018.
    – علي صالح، “مشروع الحزام والطريق: كيف تربط الصين اقتصادها بالعالم الخارجي؟”، تقرير المستقبل، مجلة اتجاهات الأحداث، العدد 26، 2018.
    – توفيق عبد الصادق، ” مرتكزات السياسة الخارجية للصين في إفريقيا”، سياسات عربية، العدد 5، نوفمبر 2013.
    – Thierry Pairault, Booming Sino- Maghreb economic relations : incentives for a new European partnership, HAL, Institute for Peace and Security Studies and Institute of African Studies, Ethiopia, Nov 2013
    – مجموعة مؤلفين، دور الثقافة الاستراتيجية في توجيه السياسة الصينية تجاه دول المغرب العربي 2001-2017، مؤلف جماعي، الطبعة الأولى، برلين، 2018.
    – باهر مردان مضخور، “استراتيجية الحزام والطريق الصينية للقرن الحادي والعشرين: بنك الاستثمار الآسيوي للبنية التحتية أنموذجا”، مجلة دراسات دولية، العدد 67، أكتوبر 2017.
    – توفيق عبد الصادق، “مرتكزات السياسة الخارجية للصين في إفريقيا”، سياسات عربية، العدد 5، نوفمبر 2013.

  • الصين تُنير ليل العَالم بعلوم “الحِزام والطّريق”..

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    آلاء عبدالحليم*:

    عشية التحضيرات الاحتفالية لأنعقاد الدورة الخامسة للمنتدى الإعلامي لمبادرة الحزام والطريق، في جزيرة هاينان الخلابة بالصين، أعلنت الصين عن مشروعها الجديد العجائبي لفعاليات النشاط الوطني للابتكار الجماهيري وريادة الأعمال، الذي أقيم في تشنغدو مؤخراً.

    .. تطلق الصين آخر صيحة، وهي إنارة العالم أجمع بمبتكرات الحزام والطريق! كيف ذلك؟

    يُعتبر الرئيس الصيني (شي جين بينغ) نور الصين الساطع، فقد أخذ بيد بلاده الى فضاءات أكثر إتّساعاً عما مضى، وقفز بها قفزات هائلة الى الأمام، الى القمر أيضاً، وسيّر مراكبه الى الفضاء الخارجي ومخرت سفنه عباب المحيطات والبحار، وانتشل بخططه العلمية عشرات ملايين الصينيين من الفقر والبؤس، وأنار لهم الطريق الثاني بعد الألف ميل الاولى التي مشاها الزعيم ماوتسي تونغ، ونجح بها.

    تقول الصين أنها تعتزم تنفيذ خطة وصفت بـ”الطموحة” من أجل استبدال الإنارة الليلية في الشوارع، بضوء القمر الحقيقي، مُضافاً إليه وهج ضخم آخر أقوى لكنه يُولد بقوى صناعية وتقنية غير مسبوقة، وهو يَصب في صالح الفقراء وأصحاب الجيوب الفارغة بالطبع!

    ضوء الصين سيكون على غرار القمر الحقيقي، سيعكس هذا القمر ضوء الشمس على المناطق المظلمة ليلاً، على أمل أن يحّل بذلك محلّ أعمدة الإنارة، وتوفير ما كلفته 170 مليون دولار سنوياً في المدينة الصينية. ويُتوقّع أن تبلغ المساحة التي سيُنيرها بدايةً 50 كيلومتراً مربعاً.

    في هاينان سيجتمع قريباً جداً عدد كبير لا نهاية لعدده، لبحث مبادرة الحزام والطريق التي سبق وتقدم بها للعالم الرئيس الصيني شي جين بينغ، حيث تخطط الصين “لإطلاق قمر صناعي جديد متميز إلى الفضاء عام 2020″، لمضاعفة إنارة القمر الحقيقي ليلاً، حيث من المقرر أن يضيئ حوالي 80 كيلومتراً من الأرض “أسفله”، وسيكون قادراً على استبدال إضاءة الشوارع (!!!)، بتكنولوجيا جاهزة كما يؤكد رئيس شركة معهد بحوث تشنغدو لعلوم الفضاء ونظام تكنولوجيا الإلكترونيات الدقيقة المحدودة، وو تشون فنغ. وفي البداية، من المقرر أن يُضيئ القمر الصناعي مدينة تشنغدو التي هي واحدة من أكبر ثلاث مدن من حيث عدد السكان في غرب الصين التي ينتشر فيها الاسلام واللغة العربية على نحو ظاهر وملحوظ، ويعيش فيها ما يقرب من 14.5 مليون نسمة من أقوام عديدة.

    يُبشّر الرئيس “شي” شعبه وشعوب العالم بإنارة دروبهم بأنوار ساطعة، فقد سبق له أن طرح هذه البشرى أمام مُؤتَمِريِ المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي، مبشّراً ببزوغ فجر “عصر جديد” من الرخاء والقوة الصينية، التي ستتحرك في بكين التي ستكون الأقرب إلى مركز الصدارة المُنير على كل الأرض من العاصمة الصينية ألى قارتي أمريكا الجنوبية والشمالية، وإلى قارات العالم القديم. وما كان لافتاً أن الزعيم “شي” في خطاب رئاسي له وصف نظام القيادة الجديد بأنه خيار مُجدد للدول والشعوب الأخرى، التي ترغب في تسريع تنميتها والحفاظ في الوقت نفسه على استقلاليتها، واليوم نرى كيف يتم التجديد في القوى الكهربائية والتقنيات والذكاء الاصطناعي والعقول البشرية أيضاً، بحيث تضيء الصين العالم لتضيء بهذا الضوء عقول الجميع، ليخطو الجميع نحو مستقبل جديد يتم فيه تخليق غير محدود للأعمال والابتكارات، لربما المنبثقة من الصينيين الذين سوف يعيشون على سطح القمر، ويقيمون هناك مراكزاً لقياداتهم، وحقولاً زراعية كما تتحدث الصين عن ذلك منذ فترة غير قصيرة، بينما تئن شعوب العالم الكثيرة تحت ضربات الحروب والمجاعات والاختلافات المذهبية وليالي مظلمة لا ضوء فيها ولا أنتاج سلعي ولا زراعي!

    تقول الصين أنه يمكن أن يكون لهذا الاختراع المهم حظوة تاريخية، للمساعدة في حالات وقوع الكوارث حين لا يكون ممكناً استخدام التيار الكهربائي. وتحاول الصين منذ سنوات اللحاق بركب الدول السبّاقة في مجال الفضاء ولا سيّما الولايات المتحدة وروسيا، وهي تنفق مبالغ طائلة على برنامجها الفضائي الذي يُشرف عليه الجيش، ويقدّم على أنه بالفعل أحد مظاهر التقدّم المذهل المُحقّق تحت الاشتراكية بألوان صينية بحت.

    الصين ليست أول بلد يحاول أن يعكس أشعة الشمس إلى الأرض، ففي التسعينيات استخدم علماء روس مرايا عملاقة لهذه الغاية، في مشروع أطلق عليه اسم “زنايما”. وعلى الرغم من أن ذلك قد يبدو غير قابل للتصديق كما تعتقد الصحافة الغربية، إلا أن “وو” يقول إن الخبراء يعملون على هذه التكنولوجيا منذ سنوات، وقد “نضجت” الآن لتصبح قابلة للتنفيذ.

    يُعلن عن هذا الاختراع الصيني تزامناً مع تلك البيانات والمؤشرات الاقتصادية المنشورة من قبل الحكومة الصينية عن القوة العظمى التي يتمتّع بها الاقتصاد الصيني، فبحسب تلك البيانات الرسمية حقّقت الصين ناتجاً محلياً إجمالياً بلغ قدره عام 2016 نحو 11.2 تريليون دولار أمريكي، ليكون الأعلى عالمياً، كما أن نصيب الفرد من الناتج المحلي بلغ نحو 15.5 ألف دولار سنوياً. كما صَعدت قيمة صادرات الصين من 2.04 تريليون دولار في العام 2011 إلى قرابة الـ2.27 تريليون في العام 2016، لتكون أكبر مصدّر في العالم. وتصدّر الصين 522 منتجاً، ما يعني أن حصتها من الصادرات العالمية هي الكبرى. أما على صعيد الواردات فقد استوردت الصين عام 2016 بما قيمته 1.23 تريليون دولار، ما جعلها ثاني أكبر مستورد بالعالم.

    هذا من ناحية، لكن من الناحية الاردنية، تساهم الصين في إنارة الاردن، وبخاصة مدينة العقبة السياحية، بشكل يتم فيه توفير الطاقة من خلال العمل على تحويل لمبات وحدات الإنارة في العقبة إلى نوعLED  الموفرة للطاقة، وذلك من خلال إتفاقية تم إبرامها مع شركة صينية. لكن المتوقع لنا هنا، أن يتم في المستقبل إبرام إتفاقية أخرى، لتوفير الطاقة اردنياً من خلال “نور القمر الصيني الساطع”، الذي يمكن تحويله الى الاردن، ليُنير دروبنا، ونبتهج به، ونزيد بقوته عدد السياح الصينيين الوافدين الى الاردن، فأهلاً وسهلاً بهم في ربوعنا، ونتطلع إلى أن يَسطُع نور مبادرة الحزام والطريق دروب الاردن وبيوتاته، كما أنارها طريق الحرير الصيني القديم قبل ألفي سنة، وما تزال آثاره شاهدة عليه إلى اليوم.

    ـ آلاء_عبد_الحليم: #كاتبة وناشطة إجتماعية، وعضو في الهيئة الاردنية للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء #الصين، وأكاديمية في الهندسة الغذائية.

  • (الحزام والطريق) بين الصين والجزائر: علاقة استراتيجية لنمو إقتصادي واعد

    (الحزام والطريق) بين الصين والجزائر: علاقة استراتيجية لنمو إقتصادي واعد

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    د. بن خالد عبد الكريم:

     

    منذ أن أطلق رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ خلال زيارته إلى كازخستان عام 2013 مبادرته “البناء المشترك للحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين”، المعروفة اختصارًا بإسم “حزام واحد وطريق واحد”، باتت هذه المبادرة تشكِّل المحرك الأساس للسياسة الصينية داخليّاً وللدبلوماسية الصينية خارجيّاً. وأدرجت رسميًّا عام 2014 ضمن خطة أعمال الحكومة.

    ـ كرونولوجيا مبادرة الحزام والطريق بين الصين والجزائر:

    تعد الصين الدولة الوحيدة في العالم التي تقدّم إنتاجاً أو سِلعاً أو استثمارات بأعلى المقاييس العالمية، وبأقل تكلفة من الجميع، لسبب أساسي هو أن تكلفة الإنتاج أقل في الصين، سواء من اليد العاملة أو من آلات الإنتاج، وقد انضمت الجزائر إلى مبادرة “طرق الحرير الجديدة” الصينية خلال المنتدى السابع للتعاون الصيني الأفريقي في بكين يومي 3 و4 سبتمبر للعام الجاري، على هامش هذه القمة الدبلوماسية والتجارية التي شارك فيها قادة 53 بلداً أفريقياً، وقّعت الجزائر والصين مذكرة تفاهم تنص على انضمام الجزائر إلى المبادرة الصينية.

    وشكلت البضائع الصينية 18% من واردات الجزائر في 2017 لتجعل الصين في المرتبة الأولى قبل فرنسا (9%) و3 دول أوروبية أخرى، في حين أن الصين لم تستورد سوى 2% من صادرات الجزائر، وحلّت في المرتبة الثالثة عشرة بين الدول التي تستورد منها، والصين الشريك التجاري الأول لأفريقيا، حيث تستثمر عدة مليارات من الدولارات في مشاريع البُنى التحتية من طرق وسكك حديد ومرافئ أو مصانع. في حين تلقى هذه المشاريع ترحيباً من الدول الأفريقية ينتقدها الغرب “خشية!” عواقب الديون الصينية التي ستُثقل كاهل تلك الدول كما تدّعي، حيث  مساهمة المؤسسات الصينية في إنجاز البرامج التنموية الجزائرية الواسعة تزيد عن 10 ملايير دولار أمريكي سنوياً.

    ستمكّن هذه المبادرة السخية الجزائر من نسج شبكة طرقات تربطها بالقارات، وهي التي تعوّل على نهضة إقتصادية شاملة، فيما سيمكن بكين من تسهيل قيام استثماراتها في القارة الأفريقية، وستكون الجزائر بوابة لها من أجل دخول القارة السمراء، التي تحتل فيها مرتبة الشريك الأول، وقد بلغت قيمة المبادلات التجارية سنة 2017 أكثر من 170 مليار دولار بعد أن كانت لا تتجاوز 10 مليار دولار سنة 2000، حيث تعتبر العلاقات الجزائرية-الصينية “ممتازة”، عبر مختلف المراحل التاريخية، وعَرفت ازدهاراَ خلال العشريتين الأخيرتين، حيث تسجّل الاستثمارات رقما مرتفعاً يقدر بـ6.2 مليار دولار في النفط والغاز والمناجم، في حين تبحث حكومة بكين عن مشاريع جديدة في قطاعات السياحة، الإلكترونيات وتركيب السيارات، هذا المجال الذي يعرف تطوّرا في الجزائر منذ العام 2015، وتبحث بكين عن مكانة لها في السوق الجزائرية التي يغزوها اليوم الفرنسيون والألمان والكوريون، حيث تَعتبر الصين الجزائر سوقاً مهمة في مجال تركيب السيارات وتسعى إلى جعلها نقطة انطلاق للتصدير لبلدان أخرى في المنطقة، وهو الذي سيسهله انضمامها إلى مبادرة الحرير الجديدة.

    وتُصنّف الصين كأول مستثمر أجنبي في الجزائر متجاوزة العديد من الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا، حيث بلغ مجموع الاستثمارات الصينية 7,4 مليار دولار، وتشكّل الشركة الوطنية الصينية للأشغال والبناء “سي أس سي أو سي” أهم قوة ضاربة لبكين في الجزائر، حيث تقوم بانجاز العديد من المشاريع على رأسها ميناء الجزائر الجديد الذي تقوم الصين بتمويله وفقاً لاتفاق إقراض طويل الأجل بحوالي 3 مليار دولار، إلى جانب مشاريع انجاز البُنى التحتية، منها توسِعة مطار الجزائر الدولي. وتبقى مصر أول دولة مستقطبة للاستثمارات الصينية، بحوالي 20 مليار دولار.

    وتصنف الصين أيضا كأهم متعامل تجاري للجزائر خلال السنوات الثلاث الماضية وكانت الصين أول مموّل للجزائر عام 2016 بقيمة 8.396 مليار دولار، ومبادلات فاقت 9 ملايير دولار، مع ميزان تجاري لصالح الصين، وسجلت اختراقاً مُعتبراً في نفس الفترة، على خلفية نشاط الشركات الصينية وارتفاع العَمالة الصينية المقدّرة بأكثر من 50 ألف.

    ودفع تنامي النشاط الصيني في الجزائر إلى إقامة المقر الرئيسي لأكبر الشركات الصينية “سي أس سي أو سي”CSCEC في المنطقة عبر مشروع “القصر” KSAR بباب الزوار بالعاصمة، والذي يُرتقب أن يحتضن مقرات شركات صينية، يحوّل إلى موقع نشاط لهذه الشركات في المنطقة، بالنظر إلى محَافظ المَشاريع التي تَحوزها في الجزائر في مجال البُنى التحتية والمنشآت القاعدية.

    وساهمت الاستثمارات والنشاطات الصينية في الجزائر في إنشاء 50 ألف منصب عمل منذ بداية 2000، وتدفقات مالية بأكثر من 1.5 مليار دولار في السنوات الست الأولى ، وتسجل هذه التدفقات ارتفاعاً متواصلاً، مع اهتمام الشركات الصينية بجعل الجزائر إحدى نقاط ارتكاز لتوسعها في إفريقيا، الذي يعرف نموا برقمين، وأبدت الصين التي تتمتع باحتياطي صرف يقدر بنحو 3081 مليار دولار مع نهاية الشهر الماضي، استعدادها للاستثمار في القارة الافريقية، والارتكاز على عدد من الدول المحورية من بينها الجزائر، لضمان تنفيذ برامج توسع وتنمية، ووفقا لتقديرات إحصائية، فإن الشركات الصينية تساهم في أكثر من 100 مشروع للبُنى التحتية المنشآت القاعدية‘ ويرتقب أن تنجز أكبر ميناء بالجزائر بالحمدانية بقرض امتياز في غضون السنوات الثلاث المقبلة.

    ـ #الدكتور_عبدالكريم_بن_خالد: عضو في الفرع الجزائري للاتحاد الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء #الصين)، وأُستاذ محاضر تخصص في عِلم النفس الاجتماعي للمنظمات في جامعة أدرار – #الجزائر، وإعلامي وكاتب مُمَارِس معروف بخاصة فى جريدة “#الشعب” الجزائرية الرائدة، ولديه حصص إذاعية وتليفزيونية.

  • الحزام والطريق ودور الجزائر في شمال إفريقيا

    الحزام والطريق ودور الجزائر في شمال إفريقيا

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    عبدالقادر خليل*:

    الجزائر دولة صديقة للصين، والتاريخ يشهد على هذه الحقيقة بكل نقلاتها المحورية في السياسة والدبلوماسية والعسكرية والاقتصاد في القارة السمراء، ومن خلال علاقات الصين العربية والتي تتسم بالثقة والتطور الإيجابي والمتبادل النفع.

    علاقات الجزائر بالصين “ممتازة” كما توصف شعبياً ودولياً، ولقد كان لها الأثر الكبير والفاعل لتجعل منهما شريكين عميقين ومخلصين لبعضهما البعض، وعازمين على تنمية وتعزيز تلك الأواصر إلى أبعد الحدود، وعلى أشمل نطاق، بخاصة بعد توقيعهما على “التعاون الاستراتيجي” الشامل.

    ولا يمكننا الحديث عن العلاقات بين البلدين، دون التنويه ولو بسرعة إلى جوانب مضيئة في تاريخهما المشترك، فقد أُقيمت العلاقات الدبلوماسية بين الصين والجزائر في يوم 20 من ديسمبر عام 1958. ومنذ استقلال بلادنا الجزائر في القرن الماضي وبالتحديد في عام 1962، وإلى يومنا هذا، تمكّن البلدان من توقيع على عدد من الاتفاقيات التي تغطي كامل المجالات الاقتصادية والثقافية، والتي نقطف ثمارها بلا توقف. وكان للجزائر دور هام ومسعى هادف قل نظير جوهره عالمياً لتدعيم مرامي عودة الصين إلى هيئة الأمم المتحدة عام 1971، كما تمسّكت الجزائر دائماً بدعم حقيقي للصين في مختلف المواقف والازمات والتقلبات العالمية وفي المحافل الدولية، لذا تتسم علاقات بلدينا بالصدق والمصارحة واستهداف المنافع العميقة لهما بحصاد وفير، وهو ما يؤكد للقاصي والداني أن علاقاتهما تتسم بأنها نموذجية وضمن روابط جنوب ـ جنوب أيضاً يُحتذى بها.

    وفي قرننا الحادي والعشرين أيضاً، تولي الجزائر علاقاتها الصينية أهمية بالغة، إيماناً منها بالدور العالمي الجديد للصين من أجل إحلال السلام الشامل، وتحقيق التوازن الاقتصادي الدولي بمعادلة صينية ذكية وهي “رابح رابح”، أي استفادة الجميع من الفوز المشترك. فبعد إطلاق الرفيق شي جين بينغ الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني ورئيس جمهورية الصين الشعبية لمبادرته التاريخية الحزام والطريق، منذ خمس سنوات، أي في عام 2013، وهي تعمل بلا توقف على إعادة رصف طريق الحرير القديم، في حلّةٍ جديدةٍ هادفةٍ، ومربحة للجميع، ولقد رحّبت الجزائر دولةً وقائداُ وشعباً ومؤسساتٍ مدنيةٍ وسياسيةٍ بهذه المبادرة أيّما ترحيب.

    والمعلوم أن مبادرة الحزام والطريق، هي عبارة عن حزام أرضي يربط الصين بآسيا وأوروبا، عبر حدود الحرير في آسيا الوسطى وروسيا، وطريق بحري يتيح لها الوصول إلى أفريقيا أيضاً، عبر بحر الصين والمحيط الهندي. ولن تقتصر التبادلات  والتعاون بين الصين والدول الواقعة على طول الحزام و الطريق، على الاقتصاد والتجارة فحسب، بل يتعداها إلى مجالات عديدة كالعلوم والثقافة وغيرها. ومن دون شك، تعتمد الحكومة الصينية على الجزائر للعب دور قيادي لنجاح هذه المبادرة، نظراً لموقع الجزائر الاستراتيجي، حيث تقع دولتنا في أقصى شمال إفريقيا، وهي مطلة على البحر الأبيض المتوسط، في جهاتها الثلاث، من الشمال والغرب والشرق، كما لديها شريط حدودي كبير مع دول الساحل الافريقي، مما يجعل الصين تمنح الجزائر ومن خلال الحزام و الطريق، دورا محورياً واستراتيجياً في المنطقة، ولتكون رابطاً مهماً مع إفريقيا وأوروبا. وفي هذا الاتجاه، تصب أهداف الاتفاقيات الجديدة المبرمة بين البلدين، وبخاصة الاقتصادية منها.

    وهنا لا بد من الإشارة إلى المشروع الضخم الذي ستنجزه الصين في الجزائر، وهو مشروع الميناء الكبير الذي سيقع غرب الجزائر العاصمة وبالتحديد في منطقة الحمدانية، بمدينة شرشال التابعة لمقاطعة تيبازة، والذي من شأنه توفير نحو 200 ألف منصب شغل فعلي.

    وسوف يكون لهذا الميناء دور فعّال في تفعيل شريان الصادرات والواردات وبخاصة الصينية والجزائرية، ويمكن للصين إعتباره نقطة رئيسية لأفريقيا واوروبا الغربية، للانطلاق الأسهل من الجزائر نحوها من خلال طريق سهل. والمعلوم أن الصين تُعتبر الشريك التجاري الأول لإفريقيا والجزائر، حيث أن أكبر نسبة وحصة للواردات الخارجية هي للجزائر وبالذات من الصين، وتأتي بعدها فرنسا وعدد من الدول الغربية الأخرى، ما يتيح أن تتبوأ الجزائر عرش العلاقات الأفريقية مع الصين.

    ـ #عبد_القادر_خليل: خريج أكاديمي من الاتحاد السوفييتي، وصديق قديم للصين، ورئيس فرع الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين بولاية #ورقلة عاصمة الجنوب الشرقي #الجزائري، ومؤسس ورئيس رابطة أصدقاء الصين بالجزائر؛ وصديق قديم لإذاعة الصين الدولية CRI ومجلة ” الصين اليوم” والقناة الفضائية الصينية الناطقة بالعربية وغيرها.

  • دليل الرفيق إلى مبادرة “الحزام والطريق”

    دليل الرفيق إلى مبادرة “الحزام والطريق”

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    بقلم: طارق قديس *

     

    في اقتصاد يَستحوذ ناتجه المحلي على ما يُعادل 15% من اقتصاد العالم، ونسبةِ نموٍّ تَصل إلى الـ6.9%، منذ العام 2017، ويَعْمَلُ على مكافحة الفقر والتلوُّث البيئي واستحداث ملايين فرص العمل الجديدة للصينيين، ويَسعى بشَكْلٍ دؤوب للانفتاح على الآخر، لا يمكن إلا أن نَتَيَقَّن من وُجود تخطيطٍ عالي المستوى، ورؤية واضحة للمستقبل البعيد وراء هذا التَّقَدُّم المستمر وَسَطَ زِحام الاقتصادات الرأسمالية المتوحشِّة.

    هذا ما يُمْكِنُ قولُهُ عن الاقتصاد الصيني، فالرؤية الواضِحة للأمين العام الرفيق والرئيس شي جين بينغ، هي ما عَزَّزَ في السنوات الأخيرة من مَكانَةِ الاقتصاد في الصين ودوره على المستويين المحلي والعالمي، ومَنَحِهِ دَفْعَةً للأمام من خلال إطلاق مبادَرَةِ “الحزامِ والطريق”، ورَفَعَ من دَرَجَةِ التنافس على المرتَبَةِ الأولى مع الاقتصاد الأمريكي، غير متخوّف من تداعيات قراراتِ الرئيس الأمريكي المتلاحقة دونالد ترامب للحَدِّ من تَمَدَّدِ الوارداتِ من المنتجاتِ الصينية على مساحَة الولايات المتحدة الأمريكية.

     

    ففي كَلِمة الرفيق “شي” خلال افتتاح المؤتمر السنوي لمنتدى (بوآو) الآسيوي، في مقاطعة هاينان هذا العام، تم الإشارة بوضوح إلى أنَّ أبواب الانفتاح في الصينِ سَتُفْتَح أكثرَ فأكثر، وأنَّ مبادرةِ “الحزام والطريق” تُشَكِّلُ فُرصةً مهمة ومحورية للارتقاء المشترك على صعيد التنمية الاقتصادية للدول المشاركة في المبادرة. ولن يكون الربح من نصيب الصين وحدَها وإنما الكُلُّ سيكون رابحًا. مُؤكِّدًا على أن سياسة الإصلاح والانفتاح التي تنتهجها القيادة الصينية تفي بتطَلُّعاتِ الشعب الصيني على مستوى الابتكار والتنمية، وصولًا للحياة الأفضل، مع توافقها في ذات الوقت مع التوجّه العالمي بشأن السلام والتنمية والتعاون المشترك.

    فيما أكد الرفيق “شي” مرَّة أخرى على ضرورة التعاون مع الآخر، في رسالته التي وجَّهها إلى المؤتمر العالمي للذكاء الاصطناعي، الذي انعقد في مدينة شنغهاي في شهر سبتمبر/ أيلول من عام 2018، حين دعا إلى تقاسم الفُرَصِ التنموية للاقتصاد الرقمي مع الدول الأخرى.

    ولعل ما يُعَزِّزُ من دور الصين بالأخذ بدفَّةِ الريادة نحو مساعدة دول الجوار في تحقيق النمو الاقتصادي المشترك، هو ما يَتَمَتَّعُ به الاقتصادُ الصيني من قوَّةٍ إنتاجية عالية وسريعة، حيث وَصَل الناتج المحلي الصيني في عام  2017إلى 12 تريليون يُوان، وذلك في ظِلِّ الدَفْع المستمر لتحسين حياة المواطن الصيني، وتوفير فرص عمل بشكل متجدّد لكافة فئات المجتمع بصورةٍ تدعو إلى الدهشة والاعتزاز.

     

    فكلمة السر تكمن في وعي القيادة الصينية الحكيمة لما يدور من حولها من متغيرات، بحيث جعلت من الصين مِثالًا صارخاً على المثابرة وتحقيق النجاح، ما دام هناك تخطيطٌ واضح للمستقبل بما يحمل من تفاصيل وأحداث مُتغيّرة، وشعبٌ يُقبل على الحياة ويَسعى دائماً لأن يكون في المقدمة.

    • طارق قديس: شاعر وكاتب أردني معروف، وعضو قيادي متقدّم في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين – الأردن.
  • مبادرة “الحزام والطريق”: تونس علامة مشجعة لمسار طريق الحرير الصيني الجديد نحو أفريقيا والمتوسط

    مبادرة “الحزام والطريق”: تونس علامة مشجعة لمسار طريق الحرير الصيني الجديد نحو أفريقيا والمتوسط

     

    موقع الصين بعيون عربية ـ
    سناء كليش*:

    إنضمت تونس رسمياً في جويلية الماضي إلى مبادرة “الحزام والطريق” الصينية،  وهي تطمح لأن تكون البوابةً المثالية للاستثمارات والمشاريع الصينية في أفريقيا والشريك الاستراتيجي للصين في المنطقة العربية والأفريقية والاورومتوسطية، ويأتي ذلك بخاصة بعد مرور 54 سنة على إقامة العلاقات الدّبلوماسيّة لتونس مع جمهورية الصّين الشعبيّة (1964)، حيث شهدت هذه العلاقات وما تزال تشهد تطورات ملحوظة ومتواصلة، لكونها تشمل مختلف الحقول السياسية والاقتصادية والثقافية والانسانية، وفي إطار يرتكز على مبادىء الصداقة والاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والربح الثنائي.

    كان ذلك على هامش أشغال الدورة الثامنة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني، بعد توقيع وزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، ومستشار الدولة ووزير الخارجية الصيني، وانغ يى، مذكرة تفاهم تتعلق بانضمام تونس لمبادرة الحزام والطريق. إن “انضمام تونس لهذه المبادرة سيدعم مساهمة الصين في إنجاز عدد من المشاريع التنموية في تونس، خاصة المشاريع الكبرى في مجال البُنية التحتية المدرجة ضمن المخطط التنموي 2016-2020″، هذا ما أكده الجهيناوي مبرزاً في الوقت نفسه “أهمية الإمكانيات الواعدة للاستثمار في تونس، باعتبار موقعها الاستراتيجي في المنطقة العربية والإفريقية والأُورمتوسطية، وتوفر الطاقات البشرية المؤهلة”.

    ومن جهته أكد وانغ يى، إن الصين ستواصل دعم المجهود التنموي في تونس، من خلال إنجاز المشاريع المتفق عليها واستكشاف مجالات جديدة للتعاون، وهو ما يُشير ضمناً إلى أن الصين تعمل من أجل مزيد من المنفعة والإتّساع في علاقاتها مع تونس على مسارات عديدة، يمكن أن تغطي بالتدريج عدداً من البلدان الاخرى.

    ولهذا، نرى أن تونس تسعى الى المزيد من العمل الجاد والمستمر لتوظيف موقعها المفتاحي في المنطقة الأفريقية وجغرافيتها المِثالية التي تربط بين شمال وجنوب المتوسط، كعلامة مشجّعة لمسار طريق الحرير الصيني الجديد في المنطقة.

    وإلى جانب موقعها الجغرافي المتميز، تتوفر تونس على العديد من الخصائص التي تتيح لها أن تكون ورشة عمل صينية متقدمة في الخطوط الجيوإقتصادية والاستثمارية الأُولى، وقاعدة مالية وصناعية دولية في قلب المتوسط، وفي مفترق الطرق بين أوروبا وآسيا والعالم العربي وأفريقيا، في إطار طريق الحرير الجديدة.

    كما تجدر الاشارة، إلى أن انخراط تونس ومشاركتها في المشاريع ضمن مبادرة الحزام والطريق، تدعمه علاقات تونس الطيبة مع الاتحاد الاوروبي، ومفاوضاتها مع الاتحاد من اجل إتفاق التبادل التجاري الحر الشامل والمُعمّق.

    وهي تهدف من خلال انضمامها الى مبادرة “الحزام والطريق” التي ترى أنها تمثّل شراكَة مفيدة ضمن شعار “رابح – رابح”، الى تعزيز مكانتها الاقتصادية التي ترنو إليها في السنوات الاخيرة، وبخاصة في مجالات البُنية التحتية والصناعة الرقمية وتحقيق منجزات الثورة الصناعية وتوظيف التكنولوجيا الصينية في تونس.

    وعبّر مسؤولون حكوميون تونسيون في مناسبات عدة عن رغبتهم في جعل الصين شريكاً إستراتيجياً من الدرجة الأولى، عِلماً أن الصين تعتبر الشريك التجاري الرابع لتونس، داعين بالخصوص إلى أن يرتكز العمل على دعم انفتاح السوق الصينية على المنتوجات الفلاحية التونسية، على غرار التمور وزيت الزيتون والمنتجات البحرية، فضلاً عن استغلال الفسفاط التونسي وإثرائه بقيمة مضافة وتطويره.

    كما تحتضن تونس مكتب منظمة طريق الحرير للتعاون الثقافي والاقتصادي الدولي الصينية (سيكو تونس)، الذي افتتح في أفريل 2017، وهو الأول من نوعه في أفريقيا. وينتظر ان يضطلع مكتب /سيكو تونس/ دوراً محورياً في دفع علاقات التعاون الثنائي وتنفيذ الاتفاقيات.

    وتُشير الملامح الاولية للمبادرة أن الخطوط التي سيتم تركيزها، يمر نصفها أو ينتهي على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، عبر الشرق الأوسط والبلدان العربية، وبالتالي فإن تونس والجزائر والمغرب، تحظى كل منها بحظوظ وافرة لتكون الشريك عن منطقة شمال أفريقيا في المبادرة، مع العِلم أن الصينيين يدرسون كل الامكانيات والفرص التي تضمن نجاح المبادرة مع شركاء متعددين.

    تُعتبر مبادرة الحزام والطريق أكثر سياسات رئيس جمهورية الصيني الشعبية شي جين بينغ طُموحاً، وكان أعلن عن إطلاقها للمرة الاولى سنة 2013 تحت  إسم “حزام واحد طريق واحد”، وهي عبارة عن استراتيجية تنموية تقوم على بناء حزام اقتصادي لطريق الحرير البري وطريق الحرير البحري للقرن 21، عن طريق بناء ممرات إقتصادية تربط آسيا وأُوروبا عبر القارة الافريقية.

    وتنفق الصين حالياً حوالي 150 مليار دولار سنوياً في الدول ال68 التي وقعت على المشاركة في المبادرة، لتحسين السكك الحديدية وشبكات أنابيب نقل الغاز والبترول وغيرها، كما أنشأت بكين صندوقاً لتمويل المشاريع ضمن المبادرة تحت إسم “صندوق طريق الحرير”.

    وتشير التقديرات المتعلقة بالاستثمارات الصينية المرتبطة بالمبادرة بأنها كانت في حدود 60 مليار دولار وقت اطلاقها سنة 2013، غير أنه من المرجّح أن تسجل ارتفاعاً كبيراً لتصل بين 600 و800 مليار دولار من الاستثمارات المبرمجة خلال السنوات الخمس القادمة.

    ـ #سناء_كليش: #مستشارة رئيس #الاتحاد الدولي للصحفيين والأعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء #الصين، وكاتبة وصحفية #تونسية ناشطة ومعروفة، ومن المجموعة الأولى المؤسِّسة للعضوية الأُممية للاتحاد الدولي على صَعيد عالمي.

  • فُقراء طَريق الحَرير!

    فُقراء طَريق الحَرير!

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    الشّيخ محمَد حَسن التّويمي*:

    تعتبر مبادرة الرئيس شي جين بينغ الحزام والطريق، طريقاً لترابط الشعوب، من خلال ربطها ببعضهما البعض بالاقتصاد ومتطلبات الحياة اليومية، فحين تتبادل الشعوب مهامها الاقتصادية، وتساهم في البيع والشراء في عملية تبادلية مستمرة، تنشأ بينها أواصر عميقة من المحبة والترابط، ومن ثم التزاوج، وهو أيضاً أحد مرامي وأركان الاسلام الرئيسية، في ان تكون الشعوب متآخية، وتساهم في النفع العام لإعمار الكرة الارضية.

    خلال السنوات الماضية منذ 2013، دأب الرئيس شي جين بينغ، لتكثيف جهوده في العمل على التقرّب من شعوب أسيا وافريقيا، ومن الشعوب جميعاً، لتقريب وجهات النظر من النفع العالمي لمبادرته الحزام والطريق، والتي يؤكد بأنها لا تهضم حق أحد في تعمير بلاده ورفع قدرات شعبه، وهو ما يجعل الفئات المحرومة تنظر الى المبادرة بعيون من المحبة والأمل لتطبيقها، رغبة في إصلاح أوضاعها التي تآكلت وتراجعت مهدّدة إيّاها بالاندثار الجسدي بعد المعنوي!

    إن الكفاية المادية من طعام وشراب ومتطلبات الحياة اليومية لكل عائلة فقيرة، تنتشلها من براثة الموت المؤكد، وهو ما يجعل هذه العائلات مؤيدة لفكرة الحزام والطريق، ففي عالمنا العربي نسبة كبيرة جدا من السكان ترزح تحت نير الفقر وتسير نحو انعدام فرصها في الحياة، وهو وضع لا يُحسد العالم العربي عليه، لذلك أرى بأن المبادرة الصينية يمكنها ان تكون المنقذ لملايين العائلات العربية من موت حتمي بسبب انعدام فرص العمل وتوقف أيراداتها من الاموال، وعدم قدرتها على معالجة نفسها من أمراضها.

    مبادرة الحزام والطريق تعمل على تقريب الفقراء من الثقافة والاطلاع على المعارف، ورفع قدراتها الفنية والعقلية، ووضعها في مرتبة أفضل تستطيع من خلالها نيل العلوم، وتحسين أوضاعها الاجتماعية والاقتصادية، وفتح أبواب جديدة أمامها للانخراط في عمليات تجارية على مستوى وطني وخارج الوطن.

    للصين مبادرات كثيرة للقضاء على الفقر، ففي الداخل الصيني قضت الخطط الصينية خلال 30 سنة على فقر مدقع ل700 مليون مواطن، وهي تخطط الان للقضاء على فقر 40 مليونا آخرين خلال سنتين قادمتين، ويجري ذلك بمعدل 20 مواطن كل 70دقيقة!!!

    تحدثت وكالة أنباء شينخوا الرسمية في تقريرها الخاص عن اجتماعات الحزب الشيوعي الصيني الــ18، إن الدولة الصينية واثقة وقادرة على تحقيق هذا هدف القضاء التام على الفقر، وبأن التعديلات الجديدة في الحزب تشدد على ضرورة أن يستند التعديل إلى النظريات الرئيسية المنصوص عليها في التقرير الذي رفع إلى مؤتمر الحزب في الـ18، وإلى مفاهيم الحوكمة الجديدة والأفكار والاستراتيجيات التي أقرها الحزب في مؤتمره السابق، مع احتفاظ الحزب بدوره في قيادة الدولة والمجتمع.

    وعلى الصعيد غير الصيني، يُشدّد الرئيس شي جين بينغ، على ضرورة “تشكيل مجتمع مصير مشترك للبشرية لكل البشرية، وإقامة نوع جديد من العلاقات الدولية مع التعاون المربح للجانبين “في جوهره”، وأكد “أن رؤية بناء مجتمع لمستقبل مشترك للبشرية ترى أن جميع البلدان، كبيرة كانت أم صغيرة، متساوية من حيث حقها في التنمية ووضعها السياسي، مما يجعل العالم أكثر انسجاماً”.

    فإلى مبادرة الحزام والطريق نسير سوياً مع الرئيس “شي” مؤيدين لها، لتنتشلنا من الفقر والكوارث الاجتماعية.

    *الشيخ_محمد_التويمي: متابع قضايا الإسلام والمسلمين في #الصين في الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء (وحُلفاء) الصين.

  • منتدى التعاون الإعلامي لمبادرة الحزام والطريق 2018: كل الطرق تؤدي إلى بكين

    منتدى التعاون الإعلامي لمبادرة الحزام والطريق 2018: كل الطرق تؤدي إلى بكين

     

     

    موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
    أ.د. جهاد حمدان:

     

    بدعوة من صحيفة “الشعب” اليومية واسعة الانتشار، تنطلق في بوآو في جزيرة هاينان، في الصين، في الثلاثين من تشرين أوّل الحالي، أعمال منتدى التعاون الإعلامي لمبادرة الحزام والطريق لعام 2018، بمشاركة واسعة من مختلف الصحف ووسائل الإعلام الصينية والأجنبية، وبمشاركة واسعة من كبار المسؤولين الحكوميين، والأكاديميين، والخبراء، والمديرين التنفيذيين الصينيين.

    ويركّز المؤتمر على الروابط المتينة مع وسائل الإعلام والإعلاميين من شتّى الدول، وعلى التعاون في إطار مبادرة الحزام والطريق بهدف تعظيم المنافع المشتركة لهذا التعاون، عبر تسريع وزيادة تبادل المعلومات، وتعزيز أواصر الروابط والعلاقات بين الإعلاميين.

    ويأتي هذا الحدث المهم متابعة لأعمال المنتدى الأول الذي انطلق في 17 أيلول عام 2017 في مدينة دونهوانج، في مقاطعة قانسو، بتنظيم من صحيفة “الشعب” الصينية أيضاً، وبحضور 126 منظمة وطنية ودولية و265 ممثلاً لوسائل إعلام محلية وأجنبية.

    ولمناسبة انعقاد المنتدى هذا العام، فمن المفيد ذكر بعض الحقائق الرئيسية حول المبادرة التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ، في خريف 2013. ففي 8 نوفمبر 2014، أعلنت الصين تخصيص 40 مليار دولار لإقامة صندوق طريق الحرير لدعم مشروعات الحزام والطريق. وفي هذا الإطار، أنشأت الصين مؤسسة مالية جديدة متعددة الأطراف هي البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية. وفي أيار 2017 عُقد منتدى الحزام والطريق الأول للتعاون الدولي في العاصمة الصينية بكين، وحضره قادة 29 دولة.

    وقد حصلت المبادرة على زخم جديد عندما تم إدراجها في دستور الحزب الشيوعي الصيني، في 24 أكتوبر 2017. وبحلول تموز 2018، أنجز نحو 95 بالمئة من إجمالي 279 بنداً على قائمة مهام منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي. ومع نهاية آب 2018، وصل عدد قطارات الشحن بين الصين وأوروبا إلى 10 آلاف.

    وخلال السنوات الخمس الماضية، تجاوزت تجارة الصين مع الدول الواقعة على طول الحزام والطريق 5.5 تريليون دولار، ووصل الاستثمار الصيني المباشر في القطاعات غير المالية في هذه الدول إلى أكثر من 80 مليار دولار. وخلال االفترة نفسها أسست الصين 82 منطقة تعاون اقتصادي وتجاري في هذه الدول الواقع، حيث استثمرت الصين 28.9 مليار دولار وخلقت نحو 244 ألف وظيفة محلية.

    وفي الشهور السبعة الأولى من 2018، زادت الشركات الصينية من استثماراتها في 54 دولة على طول الحزام والطريق حيث بلغت 8.55 مليار دولار. وفي إطار المبادرة، أقامت الصين 81 مؤسسة تعليمية ومشروعا تعليميا إضافة إلى 35 مركزاً ثقافياً في الدول على طول الحزام والطريق. وفي النصف الأول من 2018 أنفقت الصين أكثر من 270 مليون يوان (39.3 مليون دولار تقريبا) على “مِنح طريق الحرير الدراسية”.

    لقد أصبح تنفيذ مبادرة الحزام والطريق مصلحة عالمية تنخرط في إطارها أكثر من مئة دولة. وستترك هذه المبادرة بصماتها على مختلف مناحي الحياة، وستقدم نموذجاً جديداً في العلاقات الدولية قائم على المنافع المشتركة لجميع الدول المنضوية في إطارها. وربما يصل تأثيرها إلى إدخال عبارات وأقوال جديدة إلى مختلف اللغات.

    في العصور القديمة كانت روما أهم عواصم العالم. ومنها انبثقت وازدهرت حضارة امتدت على طول سواحل البحر المتوسط وشملت أراضٍ كثيرة  في جنوب غرب وجنوب شرق أوروبا والبلقان، مما شكّل معضلة كبيرة في الوصول إلى هذه البلاد بسبب صعوبة المواصلات ووعورة الطرق، فقامت روما بربط كل المدن التي فتحتها بطرق مرصوفة. وكانت جميع هذه الطرق تؤدي إلى روما، ومن هنا جاءت مقولة “كل الطرق تؤدي الى روما”.

    وبفعل مبادرة الحزام والطريق التي مركزها بكين، ستقوم شَراكات بين الصين وعدد كبير من دول العالم، تجلب الخير لمختلف البلدان والشعوب، شراكات أساسها تحقيق مكاسب ومنافع لجميع أطرافها. وستدرك الدول والشعوب أنّ التوجه إلي بكين، ليس كما كان التوجه إلى روما القديمة، يساهم في بناء دولها وتعزيز السلم العالمي. ولن يطول الوقت مع استمرار نجاحات المبادرة لتصبح “كل الطرق تؤدي إلى بكين”.

    #الأستاذ الدكتور جهاد_حمدان: أكاديمي وباحث ورئيس جمعية أساتذة اللغة الإنجليزية وآدابها والترجمة في الجامعات العربية، وعضو ناشط في “#الاتحاد_الدولي للصحافيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء #الصين”.