موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ
محمود ريا*:
تعتبر العلاقات الصينية اللبنانية جسراً مهماً للتواصل بين الحضارتين الصينية والعربية، ويشكل التبادل الثقافي والاقتصادي بين البلدين انموذجاً للتعاون الدولي.
كما أن الصين وقفت دائماً غلى جانب لبنان في الظروف المصيرية التي مرّ فيها وما يزال يمرّ، وكانت الصين السند في العديد من المحطات السياسية. وبالمقابل دعم لبنان الصين في المحافل الدولية وعبّر عن وقوفه إلى جانبه في أكثر من موقع وموقف.
ولا يمكن أن ننسى الدور الذي تلعبه الصين على مستوى حفظ الأمن في لبنان من خلال مشاركة قوات صينية في قوات الطوارئ الدولية في جنوب لبنان. وتقوم هذه الوحدة الصينية بدورها كاملاً على صعيد حفظ الأمن وعلى صعيد إزالة الألغام أيضاً، كما أنها تلعب دوراً كبيراً في تعزيز العلاقات الثقافية والاجتماعية بين أهالي المنطقة التي تستضيف هذه القوات وبين الصين.
والعلاقات بين الصين ولبنان تحمل ذكرى الطبيب الشهير جورج شفيق حاتم (1910 ـ 1988)، وهو طبيب أميركي عالمي من أصل لبناني، انتقل إلى الصين ورافق مسيرة الزعيم الصيني ماو تسي تونغ لمدة 12 عاماً كطبيب له، كما أنه تصدى لعلاج 40 ألف مصاب بالجذام وأمراض الحرب في الصين. وقد افتتح حاتم أكثر من عيادة لممارسة مهنة الطب في عدة مدن صينية أبرزها شنغهاي.
عرف الدكتورحاتم في الصين باسم “ما هايدي” وتعني “الحصان” (رمز الفضيلة) الآتي من خلف البحار، وكان أول الأجانب الذين انضموا إلى الحزب الشيوعي الصيني، وظل كذلك الى أن توفي سنة 1988 في الصين، ودفن في مدافن عظماء الثورة في “باباشان” تقديراً له.
لقد سجل التعاون الاقتصادي والتجاري الصيني اللبناني رقماً قياسياً جديداً وبلغ حجم التبادل التجاري عام 2014 مليارين و496 مليون دولار أميركي، وبقيت الصين الشريك التجاري الأول للبنان للسنة الثانية على التوالي.
حجم التبادل التجاري بين لبنان والصين كان قد ارتفع من نحو 413 مليون دولار سنة 2001 إلى حوالي ألفين و300 مليون دولار سنة 2013 “.
الأرقام جيدة ومبشرة، بالرغم من الخلل الكبير في الميزان التجاري بين البلدين، إذ أن النسبة العظمى من البضائع المتبادلة هي بضائع صينية مصدرة إلى لبنان، في حين أن البضائع اللبنانية المصدرة إلى الصين لا تتعدى قيمتها خمسين مليون دولار.
على المستوى الاقتصادي، للبنان مصلحة كبيرة في تعميق التعاون مع الصين، وفي بناء المزيد من العلاقات الاقتصادية بين البلدين. ومبادرة “الحزام والطريق” تشكل فرصة هامة لتحقيق هذه الأهداف، كونها تسهّل عملية التواصل من ناحية، وتضع لبنان في قلب مسار التجارة الإقليمية، بحيث أنه سيستفيد من دون شك من عملية نقل البضائع عبر أراضيه ومن خلال موانئه ومطاره.
من جهة أخرى، يشكل لبنان نقطة تبادل ثقافي وحضاري مميزة على مستوى العالم، ولا ننسى أن معهد كونفوشيوس لتعليم اللغة الصينية في بيروت هو المعهد الأول المخصص لهذا الغرض الذي تم إنشاؤه في العالم العربي، وقد تم تصنيفه بين المعاهد العشرة المتميزة بنشاطاتها الثقافية في العالم في مؤتمر المعاهد في كانون الأول 2013 في بيجينغ.
من هنا يمكن أن يلعب لبنان دوراً كبيراً في ربط الحضارتين الصينية والعربية في كل المجالات الثقافية والاجتماعية المختلفة.
*مؤسس ومدير موقع الصين بعيون عربية ـ مؤسس ومدير موقع مبادرة الحزام والطريق بعيون عربية ـ أمين سر الاتحاد الدولي للصحفيين والإعلاميين والكتّاب العرب أصدقاء الصين